الهادي التليلي
الاجتماع السابع والأربعون للجنة منظمة السياحة العالمية UNWTO للشرق الأوسط، الذي احتضنته عاصمة المملكة العربية السعودية مدينة الرياض الساحرة خلال يومي 26 و27 مايو المنقضي وذلك بحضور وزراء سياحة الدول الأعضاء والهياكل المعنية الراجعة لهم بالنظر والمهتمين المؤثرين في قطاعاتها وبحضور مكتب منظمة السياحة العالمية، على رأسه الأمين العام للمنظمة زوراب بولوليكاشفلي ويمشاركة البلدان الأعضاء والضيفة وهي عمان والبحرين والكويت وقطر ومصر والعراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن والأردن والإمارات وطبعا البلد المضيف المملكة العربية السعودية.
هذا الاجتماع الذي تضمنت فعالياته أربع فقرات رئيسة، أولها تقديم تقرير المنظمة العالمية للسياحة والمعايير المتبعة للبروتوكولات لإقليم الشرق الأوسط وثانيها مؤتمر إنعاش السياحة وفيه استعراض تجارب بعض الدول في تطوير مشهدها السياحة في ضوء التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وثالثها تركيز مقر المكتب الإقليمي للشرق الأوسط للمنظمة والترشيحات والانتخابات للأجهزة الأساسية والمتفرعة عنها ورابعها المشاريع المستقبلية لمنظمة السياحة العالمية.
الدبلوماسية السعودية التي كان حضورها مدوياً في اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية في دورته 113في إسبانيا في مطلع هذا العام والمقرة لهذا المنجز، حيث ترجم الوفد المشارك آنذاك مخرجات قمة مجموعة العشرين التي احتضنتها الرياض وتحديدا لجنة السياحة واللجان الفرعية لها، مثل لجنة أزمة السياحة العالمية ولجنة التعليم الإلكتروني ولجنة تطوير الكود الدولي لحماية عملاء القطاع في شتى أنحاء المعمورة، ليكون الاجتماع الـ47 تواصلا وأحد مخرجات المجلس التنفيذي المذكور.
الاجتماع الـ47 لمنظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط الذي كانت المملكة البلد المنظم له ممثلة فيه بوزير السياحة الأستاذ أحمد الخطيب والأميرة هيفاء آل سعود نائبته للإستراتيجية والاستثمار هذه الدبلوماسية المتخصصة استطاعت أن تعطي الصورة الحقيقية للمملكة في القطاع، على ضوء الرؤية الوطنية 2030 وأن تجعل المنظمة تنخرط في جهودها بجعل القطاع السياحي شريكا لا فقط في الاستثمار، بل في جهود التنمية والتشغيل لأنه لا يمكن أن يتقدم القطاع السياحي خارج رؤية تنموية أشمل يكون فيها الاجتماعي عنصراً مؤسساً لمستقبل سياحة ما بعد كورونا بما يتيح الفرص للجميع وهو ما ورد في كلمة الوزير الأستاذ أحمد الخطيب حيث قال «يسعدنا استضافة المكتب الإقليمي الجديد في المملكة العربية السعودية. وهذا يدل على التزامنا بالعمل مع شركائنا في منظمة السياحة العالمية لتطوير قطاع قوي يستند إلى مبادئ الاستدامة والفرص للجميع، في كل الإقليم وفي سائر أنحاء العالم..».
في الحقيقة الجهود السعودية لإنجاح هذا الاجتماع الذي وإن كان زمن فعالياته قصيراً إلا أن مخرجاته تفيض عن الحصر حيث أثمرت زيادة على افتتاح هذا المكتب فقد حازت الرياض كذلك على ثقة المنظمة وأعضائها في أن تكون مقراً لأكاديمية السياحة الدولية الموسعة التابعة للمنظمة بما يتيح فرصا أكثر لكافة الأشخاص من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية.
كما كانت فضاء لإطلاق مبادرة سعودية ليست بغريبة على قيادتها الرشيدة وتتمثل في إعلان السعودية تخصيص مبلغ 100 مليون دولار لإنشاء الصندوق الدولي للسياحة الشاملة وذلك بالتعاون مع البنك الدولي، هذا الصندوق الذي يعد أول صندوق لدعم التنمية السياحية في العالم.
المراهنة على المملكة السعودية في جعل عاصمتها مقرا للمكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية يعود للثقة في هذه الوجهة السياحية الواعدة بأن تسهم في تقدم السياحة العالمية انطلاقا من موقعها الإقليمي، علما بأن هذا المكتب هو أول مكتب إقليمي في تاريخ هذه المنظمة التي تروم من خلاله الاقتراب أكثر إلى أعضائها هو في جوهره محور إقليمي لتنسيق السياسات والمبادرات السياحية للدول الأعضاء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها وهو فرصة لتفعيل تحد أفضل القرى السياحية لمنظمة السياحة العالمية الذي أثار إعجاب زائريه في الجولة المبرمجة فيه، كما هو باب لإبراز الإبداعات السعودية في المجال السياحي.
ولعل الانبهار الذي طبع انطباعات الحاضرين بما وصلت إليه السعودية في وقت وجيز ترجمه قول الأمين العام للمنظمة زُراب بولوليكاشفيلي في كلمته خلال جلسة الافتتاح، حيث أعرب عن امتنانه لدعم المملكة وهو يقدم المكتب الإقليمي قائلا: «المكتب الإقليمي الأول لمنظمة السياحة العالمية سيكون مركزًا للحوار والنقاش وصنع القرار، وهو يعيد الأمل لكثير من الناس في جميع أنحاء الإقليم، مما يسمح لهم بالاستمتاع بالمزايا الاجتماعية والاقتصادية التي لا يمكن إلا للسياحة أن تقدمها. وقد بدأ العمل في المكتب بعد بدء تفشي الوباء، وهذا دليل على تصميمنا وعلى دعم المملكة العربية السعودية القوي».
نجاح هذا الاجتماع الذي كان فرصة ذكية دخلت فيه السعودية موسمها السياحي من الباب الكبير وأعطت ثقة للمتعاملين كثقل إستراتيجي في تنمية القطاع عالمياً، السعودية التي قدمت للعالم كنوزاً سياحية جديدة وواعدة لعل من بينها نيوم ولؤلؤتها ذا لاين والعلا والبحر الأحمر والقدية وغيرها من مكونات منتج سياحي متنوع لا يقتصر على السياحة الدينية ليشمل الثقافية والبيئية والترويحية والمؤتمرات باتجاه مستقبل أخضر تكون فيه الرياض والشرق الأوسط جنة خضراء وفق مبادرتي ولي عهد المملكة محمد بن سلمان.
المملكة لم تفوت الفرصة حيث عد الاجتماع فرصة لبحث سبل تعاون وزارة السياحة السعودية مع المنظمة المذكورة لتنمية القدرات البشرية للقطاع السياحي المحلي من خلال تفويض مجلس الوزراء لوزير السياحة للتفاوض مع المنظمة العالمية للسياحة قصد تنمية المهارات البشرية من خلال التعلم الإلكتروني.
نجاحات الاجتماعات الدولية أيضاً ترجمها سعادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي هنأ منظمة السياحة العالمية بهذه المناسبة، قائلاً: «أعتقد أن هذا المكتب سيساعد إقليم الشرق الأوسط على إنعاش قطاع السياحة، فضلاً عن دعم نمو السياحة الريفية في جميع أنحاء العالم».