علي الخزيم
كان لا يجيد من فنون الإعلام والصحافة سوى اسمها، لكنه يجيد التَّلوُّن الحرباوي، واستغلال المواقف المضادة لتوجُّه رئيس القسم فيخادعه بالتحبّب إليه ونقل التذمّر الصادر من بعض العاملين المختلفين مِهنياً معه، مع إضافة وتحوير ما من شأنه إيغار صدره ضدهم وزيادة التقرّب إليه، وإقناعه بقدراته على ترويض الخارجين عن فَلَكِه لو عَيَّنه قَيِّماً عليهم، وهذا ما حصل؛ وجعل العامِلين العارفين بتفاصيل مهنتهم يقعون بين جاهل بالمهنة مُتسلِّق على نتوءات مصطلحاتها ليدَّعي المعرفة بها، وبين مسؤول عن القسم أول اهتمامه السيطرة على مُجريات العمل لئلا يخرج أو يتمدد أبعد من محدودية أفكاره وإمكاناته فتنكشف ضحالة منهجه وسوء مخرجات تدابيره، لم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد طالب رئيس القسم إدارة المنشأة بابتعاث (عَيْنِه وسَوطِه) لتلقِّي دورة داخلية أو خارجية بمجال العلاقات العامة، وتم له ذلك، وعاد (الثقيل) بمزيد من سلاح الغطرسة والفوقِيَّة وبضع كلمات أجنبية يرفع عقيرته بها كلما قابل ضيفاً أو مُراجعاً، وزاد جُثُومه على قلوب العاملين فاضطر بعضهم لمغادرة المنشأة بحثاً عن أجواء أكثر نقاءً، كما أنَّ ذاك المُتسلِّق اللزج أخذ يمارس التضليل حول قدراته المهنية، فمثلاً يُقال إنه غَيَّر النبذة التعريفية لحسابه في (تويتر) إلى: الخبير الدولي بالعلاقات والسياسة الدولية! قلت: ما أكثر هذه العينات؛ وأعان الله من اضطر للتعامل معهم!
هذه الحكاية لا تعني شخصاً بعينه لكني مُؤمِن بحدوثها بمكان ما، وهي مثال حي لبعض المُدَّعين المُتعالين بعقول جوفاء لتحقيق مآرب شخصية على حساب مستقبل المنشأة التي ابتُلِيت بهم سواء حكومية أو خاصة، وهذا مما يؤثِّر سلباً لو تزايد على خطط الدولة ورؤية المملكة التي تجاهد لضبط الأنظمة ومسارات التنمية وتحقيق نهضة وتطور بلادنا العزيزة، ولعل من المناسب دعوتكم لابتسامة بقصة حقيقية مررت بها ذات يوم؛ ذلكم أن رئيسي بمنشأة إعلامية كنت أعمل لها قد رشَّحني لدورة لتطوير مهاراتي بذات المهنة إلكترونياً، وجاء الموعد فتوجّهت وزميل آخر للمؤسسة التي ستدربنا، ودخلنا لغرفة فيها مقعدان وطاولة شاي وشاشة كمبيوتر ورجلٌ عربي سمين يتحدث بسرعة وكأنه بعجلة من أمره، فبدأ بتسليمنا شهادات اجتياز الدورة بتقدير ممتاز! ضبطت أعصابي لأعرف النهاية؛ ثم طلب القهوة ومن حُنقي اعتذرت عن تناولها بحجة أني صائم فشربها (سعادة المُدرب) وخرجنا (بعد نصف ساعة) لم أفهم فيها شيئاً يُذكر مما يزعم أنه دربنا عليه، وانتهت الدورة، وعلمت من مختصين بالمؤسسة التي أعمل لها آنذاك أن موظفين مواطنين يشغلون وظائف متوسطة يُجيدون أفضل مما يجيده ذاك المدرب العربي!
وقصة سوداني ظريف أفاد بأنه تقدَّم لدورة تزعم تطوير الذات؛ وندم على تسديد رسومها مُقَدَّماً، ذلكم أن المدرب قال له بالبداية: أغمض عينيك وتخيَّل أنك لست حماراً! فقال بلهجته: أنا ذاتي مش حمار، قال المدرب: بقي ثلاث خطوات مهمة وعميقة لتستوعب الفكرة وتطور قدراتك! سألته: فماذا فعلت يا زول؟ (الزول عربية فصيحة تستخدم بالسودان الشقيق)، قال: لأني خسرت المال، فقد أوجعته بلكمة بخاصرته ومضيت، قلت: هذا تطوير للذات!