تتمحور النزاهة المالية حول مكافحة الفساد وغسل الأموال والجرائم المُدرة للأموال غير المشروعة، ومنها المخدرات والاتجار بالبشر والرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ الوظيفي. فالنزاهة المالية مفهوم بالغ الأهمية، وتنبع أهميته من كونه عنصرًا مهمًا في التنمية الاقتصادية، فالدول التي تتسم بالفساد وتفتقر للأنظمة والقوانين الرادعة للمجرمين وتكون ملاذًا آمنًا لهم، لا تزدهر ويتفشى فيها الفقر والعنف وتخلو من البُنى التحتية الحيوية بالرغم من الأموال الهائلة التي تجذبها لأن تلك الأموال لا تتدفق إلى اقتصادها المحلي ولا يقوم هؤلاء الأشخاص ذوو الثروات الضخمة بزيارة الدولة قط. وبتبني هذا النهج، يقتصر تفكير هذه الدول على المدى القصير فقط دون تحديد أي خطط أو إستراتيجيات لتحويل وتطوير دولهم.
وعلى النقيض من ذلك تأتي السعودية ورؤية 2030. حيث استُهلت الرؤية الجديدة بحملة صارمة وضخمة تهدف إلى مكافحة الفساد وردع كل من تراوده نفسه باستغلال نفوذه أو ممارسة عمل مجرّم لاكتساب مال سهل. فالتطور صعب في ظل انتشار الفساد، وباجتثاثه ترتقي الدولة على الصعيد الدولي وتخلق بيئة آمنة ومستدامة ومستقرة وتكسب ثقة المستثمرين الأجانب، وهو من أحد أهم أهداف الرؤية.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي تقع على عاتقه أهم مسؤولية، وهي التبليغ عن النشاطات المشبوهة، حيث يُعد الموظفين العاملين في البنك في خطوط الدفاع الأمامية، لأن بإمكانهم التبليغ عن أي عميل يثير شكوكهم أو أي عميل يشغل منصب رفيع تضخم حسابه بشكل مفاجئ، وتُعرف هذه العملية بـ «اعرف عميلك»، وهي أحد أهم الإجراءات الوقائية التي تُساعد في الكشف عن المجرمين. وتقع كذلك المسؤولية على الأعمال والمهن غير المالية المحددة مثل المحامين والمدققين وتُجار المجوهرات في التبليغ عند شكهم في أحد العملاء.
إن جهد السعودية يتجلى في إطلاقها لـ «مبادرة الرياض» والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي بين جهات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد. إذ بإنشاء أُسس قوية للتعاون بين الدول وتيسير تبادل المعلومات، لن يستطيع المجرم النفاذ بجريمته والاختباء في أحد البلدان التي تعتبر ملاذات آمنة بل ستتكاتف الدول فيما بينها لاسترداد ما تم سرقته وتطبيق العقوبة عليه.