عبده الأسمري
تجول بنا شرائط الذاكرة يومياً بين التقاط يجبرنا على التوقف وإسقاط يدفعنا إلى التبرير ونقاط تجعلنا أمام الفراغ.. فنكون جائلين بين استذكار إجباري وتذكر اختياري نعكس من خلاله صدى «الرضا» أو نوقف في ظلاله مدى «الندم» ونبقى مائلين بين اعتبار حقيقي وانتصار وهمي في فترات حياة كنا فيه نرى القمة فنحاول الارتفاع إليها ونشاهد القاع فنتشبث بالنأي عنه لنبقى في «سطح» يجعلنا في مساحات لا تنتهي من «الحيرة» و»الخيرة»..
المعرفة اسم أول ونبع أمثل نبحث عنه في «تربية» الطفولة ونسير وراءه وسط «منهجية» الدراسة ونمضي خلفه في «تجارب» الحياة ونقف أمامه وسط «مآرب» العمر.. في اعتراف يغمر ذواتنا المدججة بالتساؤلات ويعمر دواخلنا المتحججة بالتحولات لتأتي «المعارف» كرسائل «نصح» ووسائل «نجاة»..
هل تساءلنا ذات يوم لو أننا «أميون» لا نقرأ ولا نكتب، ماذا كان مصيرنا؟ وكيف ظل تعبيرنا؟.. فالكلام ينطلق من «لسان» يتحدث به الجاهل أكثر من المتعلم.. والحديث سلوك يشوِّه حتى مساحات «الفراغ» المفتوح الذي ينتظر إشباعه بمتون الفوائد.. وهل علمنا في لحظة مفصلية أن المعرفة سلاحنا الأوحد الذي يجعلنا «ضمائر» بشرية متصلة بالمطامح ومنفصلة عن المصالح.
الفراغات «الحياتية» ساحة مفتوحة للعبة «الجاهلين» لذا فإننا ننظر إلى الحياة غالباً بمنظار متأرجح بين التوجس واليقين.. ونستلهم أي عبارة جاءت على جناح «المعرفة» لحكيم أو نزلت من فضاء «الثقافة» لأديب لنشبع أنفسنا المتمردة على «السفه» الذي بات علة مريرة تتنقل بعدوى بشرية يشيعها «الجهل» وينشرها «العته»..
من المعرفة تعلمنا «مسلمات» المنطق و»أبجديات» المنهج الذي كبر معنا ماكثين في متون «الاحترام» وثاوين في شؤون «التقدير» للإنسان وللقيم والسلوك.. وماضين في الامتعاض من أي تصرف «مخالف» لفطرة اكتست بالبياض.. وساعين في التصفيق لأي مسلك «متوافق» لبراءة اتشحت بالتوفيق..
في المعارف يأتي «النقد» كسلطة متاحة للمختصين وسلطنة ملحة للمهنيين ليكون «نقطة» نظام تندرج على ضوئه «الحوارات» الراقية التي تنتقد «المشهد» وتحترم الفاعل وتنقد «المحتوى» وتقدر الصانع.. ليكون الجميع تحت «ظل» التآلف وفي ظلال «الائتلاف» بعد أن نأى الكل عن «عنجهية» الذات وفوضوية «النفس» وعشوائية «الأنا»!! في عناوين موقعة باسم التواد المشترك لصناعة «معرفية» زاهية تسهم في تطور العقول وتطوير الأفكار في مهمة إنسانية بشرية تقتضي التعاضد الفكري والتعاون المنهجي لتصفية الحسابات مع «الجهل»..
في أبعاد المعارف يتجلى «التعارف» بين العقول ويسود «التعرف» إلى الرؤى.. فتكون دوائر «التكامل» مضيئة بفكر صافٍ من شوائب «التخلف» وتخطيط نقي من رواسب «التزلف».. لذا تبقى «المعرفة» عرفانًا خاصًا بين معروف «العقل» ووصوف «الفضل»، وما أجمله من شعور يجذب بين قطبي «الرقي» و»العون» في دروب مليئة بالتبدلات التي تقف فيها «الأفكار» كإمضاءات على «المشهد» وأضاءات نحو» المجد».
في منظومة «التنافس» البشري لا عنوان أعرض ولا تفاصيل أهم ولا معنى أولى من معرفة يستلهم منها الإنسان «بصائر» الحاضر ليستوحي «مصائر» المستقبل في مواءمة واجبة ما بين المعطيات والمؤشرات وملائمة حتمية بين النبوءات والتأكيدات لترجح «كفة» «الاستقراء» وتنتصر «صفة الانتماء».
بالمعارف نصطاد «كنوز» الوعي من عمق الشعور إلى أفق السلوك ونبني بها «صروح» الرقي ونشيد بها «طموح» الارتقاء في «ثقافة» سلوكية واعدة تقتضي إظهار «الوجه» الجميل للبشرية في إطارات من «السمو» الأخلاقي و»الصفاء» الذهني الذي يشيع «الألفة» الفكرية بين البشر وينشر «الوقفة الإنسانية» حتى تتكامل أبعاد «التعاون» المعرفي المسددة لعطاءات «العقل» والمبددة لمهاترات «الجهل».
يجب أن تكون «المعارف» في «إنصاف» مستحق لها للاستزادة منها ومنع أي «انصراف» دخيل عنها للحفاظ عليها لتشكل بين الناس منهجية للعيش ومنطقية للتعايش لتتحول التعاملات إلى «منبع» من الأثر و»نبع» من المآثر ولنمضى بالفكر الإنساني نحو العلا في إخضاع الأقوال والأفعال إلى «إجراءات ذاتية» صارمة تحارب الأخطاء وتوظف العطاء للسير قدماً لصياغة المستقبل وصناعة الغد في حلل من الاعتزاز ومحافل من الإنجاز.