العقيد م. محمد بن فراج الشهري
حماس، والجهاد، والحوثيون، انكشف الغطاء عنهم جميعاً فعرَّتهم الأحداث الأخيرة سواء في فلسطين، أو اليمن، أو لبنان أو في أماكن أخرى وحماس بالذات ارتكبت هفوات لن يتغاضى عنها التاريخ العربي، ولا الفلسطيني، ولعل الكثير لا يعرف أن تأسيس حركة حماس، بدأت حينما قامت قيادات فلسطينية، وعلى رأسها الدكتور خيري الأغا، بالدعوة لتأسيس حركة تختلف عن حركة فتح في توجهاتها الأيديولوجية، وتلبي الاندفاع الإخواني نحو بناء منظومة سياسية عسكرية في الأراضي المحتلة. ثم انطلقت في أنشطة سياسية ومالية غير مصرحة، واستغلت العديد من المواقف العربية لصالحها وجني الكثير من الأموال التي كانت من المفترض أن تكون تحت تصرف الشعب الفلسطيني المكلوم داخل الأراضي الفلسطينية لكن ذلك لم يكن، والأخطر في مسيرة حماس هو أمر لم يكن منكشفاً من قبل التنظيمات الإسلامية في غزة، فقد استطاعت منذ بداية الثمانينيات الميلادية عقد صفقة مع المخابرات الإسرائيلية التي اُنهِكت من إدارة القطاع، وقضى الاتفاق بإحلال حماس تدريجياً مكان فتح، والتخارج من القطاع الأكثر بؤساً وشقاء على مستوى العالم، وفي عام 2011م، انضمت حماس للمشروع الثوري المضاد للدول المستقرة في العالم العربي (مصر، السعودية) وبدلاً من رد الجميل لهاتين الدولتين وما قدمته طوال سنوات النزاع العربي الإسرائيلي من أموال وتضحيات ووقوف مع الشعب الفلسطيني قامت بِعَضْ الأيادي التي امتدت لها ولغيرها في فلسطين، لقد تركت قضيتها الأساسية في النضال من أجل تحرير الأرض -كما تدعي- وتحولت إلى مقاول من الباطن، لتنخرط في الاحتجاجات المصرية بشكل فج للغاية، مرسلة مقاتليها لمساندة جماعة (الإخوان المفسدين) وتسببت في أعمال قنص وقتل لصالح الجماعة الأم داخل الميادين المصرية، كما ساهمت في تفجير السجون وإخراج صقور الجماعة وكوادرها الإرهابية، إضافة إلى إساءتها الكثيرة والمتكررة للمملكة العربية السعودية، وانخراطها في المشاريع المعادية للرياض. ولم تفهم أو تدرك حماس أن السعوديين لا يقبلون الكذب، والزيف، والخداع، والتلون، وأن الاتفاق تحت أستار الكعبة الذي نقضته حماس من أجل مصالح ضيقة واستجابة لضغوط حلفائها (الصغار) كان خطأ فادحاً في حق السعودية التي آلت على نفسها الإصلاح بين المتخاصمين الفلسطينيين، كما فعلت مصر أيضاً لكن حماس ومن يدور في فلكها أخذوا الخطوط العكسية منهجاً لهم. واليوم يعود المشهد وقد انقلبعلى حماس ومن ورائها الإخوان، لقد اضطرت حماس وحلفاؤها (الصغار) لإنشاء جيش الكتروني بحسابات وهمية معظمها بتاريخ شهر أبريل من هذا العام، لاستعادة الشارع والدفاع عن قرارها الأحمق بتدمير غزة، وتحميل دية الدم لمن لا ذنب لهم فيه، فالشارع العربي في أغلبه اكتشف اللعبة، وعرف أن الدماء، والدمار، والضحايا الأبرياء ليسوا سوى قرابين قدمتها حماس، والجهاد لتحقيق مكاسب سياسية... وطمعاً في ملء الجيوب مرّة أخرى من أموال الدول العربية.. ليبنوا بها حصون المجد في إيران، ودول أوروبا في كل مكان بعيداً عن غزة وأهل غزة، وأهل فلسطين.. وخالد مشعل، وإسماعيل هنية، قالا مراراً وبكل وضوح: لقد وضعت الحركة هدفاً واحداً للمعركة، وهو الاستيلاء على القرار الفلسطيني، والذهاب للإسرائيليين، و العالم للتفاوض والتنازل، إنها الميكافيلية الإخوانية لمن لا يعرفها.. ولأن القرار كان ساذجاً ومندفعاً نتيجة بدائية سياسية تشكل العقل «الإسلاموي» عند التنظيمات حتى انكشفت حماس، وتآكل رصيدها وسقطت في وحل إجرامها، والعالم الحر لا يمكن أن ينساق وراء أمنيات مشعل، وهنية، ولا صواريخ التنك التي أطلقها النسور من بين المدنيين تحقيقاً لرغبة إيران التي تحارب بالوكالة ولا تستطيع الظهور، ولذلك اتخذت العواصم قرارها بالمضي في دعم الممثل الشرعي -في رام الله- ورفض نتائج مغامرة الانقلابيين الحمساويين القادمين على ظهور صواريخ التنك، ومما تسببت فيه من دمار وأنهاك للشعب الفلسطيني المكلوم الذي عانى مراراً، وتكراراً من تخبطات حماس, والجهاد، وكل تجار الكظية. أما الفضيحة الجديدة فهي إرسال مندوب البعثة الحمساوية في صنعاء معاذ أبو شماله لتقديم درع لمحمد الحوثي عميد الجزارين الحوثيين تكريماً له على قتل الأبرياء من أبناء اليمن، والتنكيل بأبناء الشعب اليمني، وزرع الألغام في كل طريق ومزرعة في دمار شامل واغتيال الأطفال، والزج بهم في أتون المعارك. هذا التكريم الأحمق من قادة حماس، دليل واضح لا يحتاج إلى شرح على فساد هذه المنظمة، وتوجهاتها المخالفة للعروبة، والإسلام وللفلسطينيين، وقضيتهم وتحالفها مع الشيطان.. ولا ندري، لا أنا ولا حتى المنجمين عن نضال الحوثيين من أجل المسجد الأقصى، وفلسطين حتى تقوم حماس بتكريم أحد قادات الموت في اليمن إكراماً له على قتل المزيد من أبناء الشعب اليمني.. هنا نتوقف ولا بد أن ندرك أن ما تقوم به حماس، وأخواتها من المنظمات الأخرىثم يجب علينا إعادة التفكير في التعامل والأسلوب الذي يجب أن يُتبع معها مستقبلاً على ضوء ما أوردناه من وقائع لا تحتاج إلى شرح أكثر أو توضيح.. واللبيب من الإشارة يفهم.