يوسف بن محمد العتيق
منذ سنوات ليست بالقريبة دعاني الدكتور محمد بن ناصر الشثري لحضور مأدبة عشاء أقامها والده الشيخ ناصر الشثري، وكان الضيف الرئيس فيها هو سماحة الشيخ الراحل عبدالعزيز بن باز، وكانت أمسية لا تنسى أبدع فيها الضيف والمستضيف في الحديث، وإن كنت أنسى فلن أنسى أن هذه المناسبة كانت بعد أيام قليلة من زيارة مهمة قام بها الملك عبدالله (ولي العهد آنذاك) لمحافظة حوطة بني تميم لافتتاح وتدشين مشروعات تنموية، وكان الشيخ الشثري أحد مرافقي ولي العهد، فتحدث الشثري عن هذه الزيارة بتفصيل مهم، ووثق للحاضرين شيئاً من تفاصيل هذه الزيارة.
وكان تعليق ابن باز على ما أذكره دعوة لا تزال ترن في أذني، حيث سأل اللهَ الشيخ ابن باز للملك عبدالله وكل المسؤولين أن يوفقهم لما فيه براءة الذمة بالقيام بمثل هذه الزيارات التفقدية لصالح الوطن والمواطن.
وبعد هذه المناسبة بفترة ليست بالطويلة يدعوني الدكتور محمد الشثري مرة أخرى لتناول طعام الغداء في مزرعة الشيخ ناصر للاحتفاء بضيفهم صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان، وكان وقتها سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في أمريكا.
ولا أنسى الشيخ ناصر وقتها وهو يتحدث بلغة علماء الجغرافيا والبلدان عن الموقع الذي فيه المزرعة، ويعطي معلومات عنه، وعن من يملك مزارع في هذا الموقع من الأمراء والمواطنين.
وبعد ذلك لم تنقطع أخبار وسيرة الشيخ ناصر الشثري عني سواء بشكل مباشر أو من خلال حديث الآخرين عن حضوره الاجتماعي المذهل الذي يؤكد تميز هذه الشخصية في كل ميادين الخلق الراقي والرجولة العالية وأخلاق الفرسان والنبلاء.
وهكذا الشيخ ناصر لا تتوقف من التأمل عند النظر إلى مجلسه وضيوفه حيث تجده مستقبلاً لجميع شرائح المجتمع بكل أطيافهم، وبكل ضيوف الوطن من وزراء أو سفراء أو موظفين، وحتى من صغار الموظفين الذين يجدون في مجلسه وحديثه المعلومة والتقدير والاحترام، حيث يظن كل ضيف أنه هو الضيف الرئيس لديه، وعلى مائدته.
أخيراً لقائي الأخير به رحمه الله منذ فترة قريبة حيث دعاني الدكتور محمد مع بعض الفضلاء لاجتماع للحديث في تأسيس جمعية تهتم بصحة المواطن، وكان اللقاء في مجلس الشيخ ناصر العامر، وكانت فرصة للسلام عليه، ومع أنه في وضع صحي صعب إلا أنه رحب بنا واستقبلنا، وأتذكر أنه كان قليل الحديث لكن حين تمد يدك إليه مصافحاً يعوضك عن كلمات الترحيب بأن يشد على يدك بما يشعرك به من محبة وتقدير.
رحم الله الشيخ ناصر بن عبدالعزيز الشثري رحمة واسعة، فقد خلف إرثاً اجتماعياً كبيراً، كان الله في عون ذريته للسير على خطاه ومنواله.