د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
يبحث بايدن عن شريك موثوق كالسعودية التي تقود أوبك ليواجه بايدن بهذه الشراكة موقفين متناقضين: الأول محاولة إعادة بلاده إلى مؤتمر المناخ في باريس لعام 2015 الذي انسحب منه ترمب بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة للبيئة بنسبة تتراوح بين 50 و52 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2005 ضعف التزام واشنطن السابق تقريباً بتخفيض 26 في المائة سيسمح هذا الهدف بتحقيق الحياد الكربوني عام 2050، الثاني تعهد الجمهوريين بمحاربة مقترحات بايدن الساعية إلى تحويل قطاع الطاقة الأميركي بعيداً عن الفحم والوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة، وأنها ستضر الشركات الأمريكية، وترفع أسعار الطاقة.
شاركت السعودية في قمة قادتها الولايات المتحدة مكونة من 40 قائداً حول العالم في 22/4/2021، ولم تتوقف السعودية عند هذه المشاركة، بل انضمت إلى الولايات المتحدة وكندا والنرويج وقطر لتأسيس منتدى جديد هو منتدى الحياد الصفري للمنتجين، وهم يمثلون جميعاً 40 في المائة من الإنتاج العالمي من البترول والغاز.
أراد بايدن أثناء زيارته للاتحاد الأوربي أن يؤكد لشركائه الأوروبيين جدية قيادة أمريكا لمكافحة التغير المناخي، فأوفد مبعوثه للمملكة العربية السعودية جون كيري ليجتمع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تناولا الحديث حول مبادرات السعودية النوعية في مواجهة ظاهرة التغير المناخي وخفض الانبعاثات، والحفاظ على البيئة ومكوناتها، وفي مقدمتها مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، إضافة إلى جهود السعودية خلال رئاستها مجموعة العشرين في 2020 في دفع تبني مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون.
استعانت أمريكا بالسعودية لتثبت للاتحاد الأوروبي جديتها في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، حيث هناك بعض الأطراف الأوروبية يشككون في جدية بايدن بسبب التحديات الداخلية التي يواجهها بايدن من الجمهوريين في تمرير أجندته البيئية البالغة 2 تريليون دولار لتحويل أنظمة النقل والشبكات الكهربائية الأمريكية، وعرضها على الكونغرس الذي يرى هو وكذلك الاتحاد الأوربي أن بايدن ليست لديه خطة صارمة وسريعة توضع بالتفصيل حول كيف ستفي الولايات المتحدة بوعد بايدن بالقضاء على جميع انبعاثات الكربون من اقتصادها بحلول عام 2050، بل هناك تحديات خارجية تواجه استراتيجيته لمكافحة تغير المناخ، وهل أن سياسات بايدن ستدوم لفترة أطول من رئاسته، خاصة بعد تراجع سلفه ترمب عن اتفاق باريس للمناخ، لكن يرى بايدن أن تحالفه مع السعودية أكبر منتج للطاقة الأحفورية يعطي مصداقية أكبر للأوروبيين الذين يعتمدون على آراء علماء من أن التأثيرات المناخية ستصبح كارثية ولا رجعة فيها إذا تجاوز ارتفاع درجات حرارة الكوكب عتبة 1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
تمثل الصين والولايات المتحدة نصف انبعاثات العالم المدمرة للمناخ، لكن تصريحات البلدين بمثابة جزيرة للتعاون المناخي في بحر من الشكاوى والتظلمات، خصوصاً في ظل تحالف غلاسكو المالي من أجل صفر كربون المدعوم من الأمم المتحدة والذي يضم أكثر من 160 شركة بأصول مجمعة تتجاوز 70 تريليون دولار، تعهدت بدعم الجهود المبذولة لوقف انبعاثات الوقود الأحفروي بحلول عام 2050.
في ظل هذا التوجه الذي تقوده أوروبا التي لا يوجد فيها وقود أحفوري، وتود أن تتحرر من الغاز الروسي الذي تحتكره روسيا، وتضعها في مواجهة مع الولايات المتحدة، لكن ألم تكن طموحات بروكسل تخاطر بأن تجعل مزيداً من أفقر سكان أوروبا الشرقية وبقية فقراء العالم ومعاناتهم في فقر الطاقة، يتحملون عبء اندفاع الكتلة والعالم نحو الصفر الصافي؟.