سليمان بن عثمان الفالح
في يوم الخميس الموافق 29 شوال 1442هـ فجع كثير من الناس بوفاة معالي المستشار الشيخ ناصر الشثري وكان لوفاته صدى واسع لدى المجتمع السعودي لما يحمله من علم وأدب وأعمال خيرية ومروءة وكرم وعندما أعلن عن وفاته هب كثير من الناس للتسابق في الصلاة عليه بمقبرة العود وفي تعزية أبنائه وأحفاده وذويه لمواساتهم وللدعاء له بالمغفرة والرضوان وهذا بعض ما يستحقه رحمه الله رحمة الأبرار وكان في حياته يقوم بالواجبات ويحضر المناسبات في الأفراح والأتراح حتى أقعده المرض على الفراش والناس يزورونه في منزله فرادى وجماعات للسلام عليه وللاطمئنان على صحته والدعاء له وكان رحمه الله يلاطف زواره رغم معاناته وهذا ما وجده بعد وفاته، لقد كنت زميلاً له بالمعهد العلمي عندما دخلنا عام 1372هـ ضمن عدد من الزملاء الأفاضل الذين لا ننساهم في حياتهم وبعد مماتهم لقد كانوا نخبة صحبناهم في المعهد وفي الكلية وفي المعهد العالي للقضاء عند افتتاحه وعلى رأسهم معالي الشيخ ناصر الشثري ومعالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان ومعالي الشيخ منصور بن حمد المالك وفضيلة الشيخ عبدالمحسن العباد البدر وفضيلة الشيخ صالح بن محمد العايد وفضيلة الشيخ عبدالعال بن مقباس العادل ومعالي الدكتور حمود البدر ومعالي الدكتور صالح المالك وفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد المبارك وفضيلة الشيخ عبدالملك بن عبدالله آل الشيخ وفضيلة الشيخ محمد بن عبدالله بن الأمير، وفضيلة الشيخ محمد البدر وغيرهم رحم الله من مات منهم ووفق الحي ليكمل رسالته المنوطة به كنا نتسابق في الحضور للدراسة وفي الحفظ وفي الاستفادة من أساتذتنا الكبار الذين رافقونا أو رافقناهم أيام الدراسة وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز وفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن رشيد وفضيلة الشيخ عبدالرزاق عفيفي وفضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ومعالي الشيخ صالح الحصين. هؤلاء العلماء المتميزون استفدنا منهم كثيراً رحمهم الله وجزاهم عنا كل خير.
كان معالي الشيخ ناصر قريباً من زملائه أثناء الدراسة وبعدها وأثناء العمل رغم مشاغلة الكثيرة وارتباطاته الجمة يدعونا لزيارته في منزله ولحضور مآدبه التي لا تنقطع وأبواب بيته مفتوحة وصدره واسع لكل زائريه من زملاء وأقارب وضيوف وذوي الاحتياجات غفرالله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته، ولا يفوتني أن أشيد بمعاليه أثناء الدراسة وأنه يخرج بنا أو نخرج سوية خارج مدينة الرياض إلى الأماكن البرية نبيت بها ليلة أو ليلتين نتفسح ونتمشى ونسهر طيلة الليل وهو رحمه الله على رأس هؤلاء الزملاء الذين لا يألون جهداً في امتاع زملائهم وتقديم الخدمات لهم بكل أريحية وبكل نفس رضية، كنت شخصياً لا انقطع عن زيارته في صحته وفي مرضه وكان يفرح بي عندما أزوره ويحب أن أطيل الجلوس معه ويذكرني بالماضي، كانت ذاكرته قوية يتذكر الماضي، كما يتذكر الحاضر، لقد مر رحمه الله بمراحل عديدة ومتميزة لا يغتر بالمنصب الكبير ولا بالجاه العريض، علاقاته مع الناس كما هي من البداية إلى النهاية، لقد قام بتربية أبنائه وأحفاده التربية الصحيحة وكانوا أهلاً لذلك حتى أصبح لهم شأن كبير لا يقلون عن والدهم وعلى رأسهم معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري المستشار في الديوان الملكي والعضو في هيئة كبار العلماء حفظ الله الجميع ورحم الله معالي الشيخ ناصر الشثري وإلى جنة الخلد إن شاء الله.