د.عبدالعزيز الجار الله
أحدثت ثورات الربيع العربي عام 2010م هزة كبيرة في الإعلام النمطي أو التقليدي، والإعلام الرسمي، من خلال التفاعل السريع مع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الإنترنت أثناء ثورات الربيع وما أعقبها، ورافق ذلك تطوير سريع ومكثف لأنظمة الإنترنت وأجهزة الهواتف الرقمية، فهي التي عجَّلت وأنضجت ثورات الربيع العربي في الدول العربية، وبالمقابل لم تكن تجربة منفصلة عن العالم بل إن العالم مرَّ بالتجربة نفسها، التطور التقني وتحولات التواصل الاجتماعي والتطبيقات والهواتف والأجهزة المحمولة واللوحية، لكنها عند العرب ترافقت مع الغليان السياسي وتحرك الشارع العربي، فالشعوب العربية كانت تغلي من الواقع السياسي الصعب الذي جرَّ البلدان العربية إلى تراكم الفساد والبطالة والانهيار الاقتصادي، لذا تعجل الربيع العربي وتم تسريعه بمبارك من الغرب وإسرائيل وإيران وتركيا.
من نتائج الربيع العربي انهيار الإعلام الرسمي والمؤسسات الإعلامية والصحافة، وكليات وأقسام الإعلام في الجامعات، وشركات الإعلام والعلاقات العامة في القطاع الخاص، وهذا ليس بسبب الربيع العربي لوحده، وإنما رافقه التطور النوعي والمهني السريع في التقنية حتى أصبح التواصل الاجتماعي هو البديل الجاهز، وتحمل رجل الشارع والمواطن المهمة بل تحوَّل إلى مراسل يخاطب العالم، مما أفقد الإعلام الرسمي أهميته ودوره، ومكَّن أيضاً رجل الشارع غير المتخصص من التعبير السريع وتشكيل الرأي العالم، ولا حاجة لمؤسسات الإعلام، بل إن الإعلام الرسمي والنمطي تم تحييدهما بشكل ملحوظ.
وهذا حدث في معظم عواصم العالم بما في ذلك الدول الكبرى أوروبا وأمريكا وروسيا والصين وبمستوى واحد، لكن كانت لهذه الدول الغربية معالجات سريعة في الدعم المالي للمؤسسات وتطوير سريع في أجهزتها وتدخلات عاجلة لوقف انهيارات المؤسسات، عكس ما حدث في الوطن العربي حيث تخلت الدول تمامًا عن الدعم والوقوف إلى جانب الإعلام بل تركته يتآكل من الدخل حتى توقف عن الصدور، واليوم نشهد تساقط وتوقف المؤسسات يقابله صمت واسع من أجهزة الدول المعنية بالإعلام والثقافة وإدارة الدول لتجر وراءها كوارث كبيرة بدأت تظهر نتائجها على السطح.