** فَألي.. دائماً رجال (الوطن)!! الذين أعجز أن أعبر عنهم في موقف عابر، مثلما أعبّر عن (رموزهم) في مواقف كثيرة ولست أدري كيف يتركْب في خاطري (سؤال)؟! وفي عيني لغز متقاطر!..
ولأن (الوطن).. طيّب القسمات ورموز (الوطن).. راية وحكاية
فالنابغة: (المفكر علي بن خضران القرني...)
كأديب وشاعر وكاتب وناقد سعودي ومثقف وقدوة لي إبان (متعة الشباب)!!
نشأ دائم القراءة مولعاً (بالثقافة المعرفية) منذ نعومة الأظفار .! مهتماً بمتعتها ومستفيداً من حوادث التاريخ يقرؤها بلا دوامة تلف الفكر وبكل إحساسات الثقافة والأدب والتاريخ الصادقة وعلى العكس بدأ يصدر معارف شتى وهو يقرأ وهو شاب لأنه ظل يرتمي في بحر الدهشة والتأمل ومنذ شرع يقرأ ويكتب ولا يزال يسترق النظر فكراً موسوعياً (أدبياً وفنياً وعلمياً) وحضوراً اجتماعياً متمايزاً..
أما مسافة يراع علي بن خضران القرني لن تتقلص بعون الله لأنها المسافة الظليلة لشخصيته التي تسلط الأضواء وتتسلط عليها الأضواء كما يسلط الطبيب المجهر على شريان الحياة ما شاء الله.
كما أن أستاذنا علي القرني كان ظل يقترب بدماثة خلقه اقتراباً شديداً من الجميع ولا يبتعد بشخصيته الأدبية ويستفيق هذا الرمز الثقافي الكبير أبداً في قلبي نهناً مطرداً للحرف لذا أراه شمعة عطاء ممتدة على كف البيان وأسمع في هسيس الشمعة ألواناً من بلاغة صوت اللفظ تتلو وتلتهم ذلك البهاء الذي يعشق بحور النطق واللغة كونه من أدباء مدينة الطائف المعاصرين وشخصياً أرى في بحر شعر ونثر علي خضران شخصية هي تلك الأهزوجة العربية السامقة كما رعشة المفاجأة لأن نسبه وشخصه شبه قوافل الأقمار.
ألف الرمز علي بن خضران العديد من الكتب لعل من أبرزها:
صور من المجتمع والحياة صدر في عام 1397هـ وأبها في مرآة الشعر المعاصر وقراءات عابرة دراسات أدبية وخواطر في الشعر والنثر وكتب مقالات شتى في مختلف الأغراض الأدبية منذ منتصف السبعينيات الهجرية حملتها شخصيته إلى حيث ميناء الإنجاز والأصل والإبداع ولعله لا يزال أطال الله عمره يظل شغوفاً بتوظيف رؤيته الأدبية ولمساته الشعرية داخل تراكيب ثقافية في مساحة اللغة المجلجلة الذي يستمد مرجعياته الفكرية من تجربته الإبداعية التي تعطي للحرف الحضور الصرف...
*ومدينة الطائف شاهدةٌ على المراحل الابتكارية لعلي خضران يمثل بها وعنها مساهماته في المحاولات الوجدانية لقراءة ومقاربة الواقع الاجتماعي لفظياً في صياغة ذاتية تكون استعداداته الفطرية ومواهبه وقدراته وميوله وسماته هي الفيصل بينه وبين مهاراته وملامح نطق يراعه العربية التي يمكن أن نضبط بها تفاصيل اللغة التي تهل بالبسمة على ثغره والجدية في قراءاته وهو في ذاته أيضاً شخصية متميزة فهو ذو ملامح عربية مشتعلة الجبين بوجه يلفظ الكآبة وقامته كالشمس الخجولة التي يرسل أشعتها ببطء حاجباه المقرونان كقامته التي تثير الألفة نفسها بين سحنته الكلامية وسحنة سماته وسجاياه لونه الأبيض يقتحم القلب لأن له تلاق عجيب في نقل خطوه وجسمه المتناسق (ما شاء الله...) ولسانه العذب الدي لا تشيح فوق فمه.
الإشراقة ولا تدويرة المحيَّا له عينان نجلاويتان تترامى فوقهما غشاوات الألوان وجفنان يطبقان على آصرة الخوافق، أما محياهُ الأبي فسيف يغتال كبد السبات المحاصر بين العينين فيما تراه من خلف مؤلفاته بشعر أبيض وقور يرسله إلى الصبح معصوماً بالوداد.
والأستاذ علي خضران أديب متعضد الإلقاء تُوقظ إحساسه رقة المشاعر وصقاع الحق
والصواب مزدهر الروح تجهز عليه بساطته البدوية وتعتقله عواصف حسن الظن بالناس
يعامل الناس بخطابات من العسل المكتوب ويحاورهم بشموخ أدبي وعلمي ويتحادث وإياهم تحت نخلة الأمان وينأى بهم في محادثاته عن براثن الوحل أو مشاتل الشوك.!
رامته كالنخيل التي تسابق أجسادها فكان يصنع لشخصيته إطاراً أدبياً وثقافياً خاصاً فيتجرأ على ذاته حين يفتح عينيه ويُفعل فكره فتزهر ملكاته وأشعاره ومؤلفاته ودراساته وتنبلج لصوته وقلمه وإبداعاته المرتوية من واقعه الاجتماعي راسخة في شهد واقعيتها لها حنكة خاصة ونكهة عجيبة تجعلها تروض الفكر المستدر من دمها العنفواني، وإذا كانت مؤلفات الأستاذ علي خضران استمدت رحيقاً من قوة الفكر وحماس الثقافة فإنها اندمجت بعدئذ مع برقه ووهجه وصارت تكاملاً في بناء شخصيته التي ولدت معه منذ الطفولة واكتظت بصباه فتقاطرت نبضات احتضنت إبداعه وابتكاره الأدبي ومهر شخصيته لذا فوحده يراع فكره وسمات قلبه يلوكان الإبداع والوجدان وبياض الفجر والآذان المستلقية فهو يتألق في عين الشعر والرواية والخطابة والمقال فسمته الثقافية الوجدانية تلك باركتها سجاياه وملامحه الأدبية وفي النقد والتحليل ضمن مقامه المرقى يحرر رأيه وصوته الأدبي من كل حبة مرجان وهبتها له رحابة العيون وصفاء القلب فيذكرنا بالهتاف والشموس التي تمر أمام أعيننا بومضها الكثير!...
*كان ظل علي خضران ولا يزال بعون الله كعنقود عنب الطائف الذي نقطفه من أقصى دالية ..!!
*نعم كان ظل المفكر الأستاذ علي خضران القرني
قلباً : حسن الظن يجمع فيه شتات عشق الأدب والفكر والثقافة يقف بقامته التي تعلو المناكب
سمحاً طيباً خلوقاً ويعلن عن وجدانه واسمه.
بلى ظل فكراً يطير بصوته متفرداً ولا يختفي بسرعة مذهلة كان ظل حساً وطنياً يقدم لأرضه عرقاً مصقولاً فيتسلل ضوء صوته إبداعاً وإمتاعاً وحماساً صارخاً فيرسله إلينا معصوباً بعشقه لعلوم الثقافة والفكر والأدب.
بل ويتلعلع كما العمالقة عبر الأحرف والكلمات وحكايات الحب والوفاء والعطاء لذا كان لزاماً علي ألا أترك قرار مقالي هذا إلا وكنت أصدرت منه فقه الكلام لشمعة نبوغ امتدت على كف البيان فسمعت جلياً في هسيس تلك الشمعة ألواناً من بلاغة الصوت واللفظ والبهاء..!!
ولن أتجاوز هذه المتعة في الحديث عن علي خضران القرني
*علي خضران القرني:
يمضي يصوغ مداره الثقافي هلالاً على حائط التجلي وحائط الكرة الأرضية في ملكوت الإشراق تقاسمه (المجرات حيثما كان) بكافة أطيافه بطالع الفلك فتصطلي بعظمته، التي كانت تظل على مدار الساعة وحتى قرب البرق تجلي سهوب الظلام له!!
** **
- د.عدنان المهنا