يحتشد في ذاكرة الروائي كثير من الحكايات المحمّلة بالحزن والوجع والفرح... يعيشُ عند البداية في تحويلها إلى عمل سردي، ويتمدد على الأوراق بمشاعر مختلطة ما بين الحزن والفرح، وتتناوش معه الشخصيات التي يصنعها لتقوم بالأحداث التي تدور حولها الحكاية.
يظل الروائي يغوص في سبر شخصياته بكثير من التفحص، ورسم الصورة النهائية التي يتصورها القارئ للشخصية، حتى تبدو واضحة الملامح عنده من الناحيتين؛ الحسية والمعنوية.
يلتقط الروائي الحكايات من أفواه النَّاس، ومن الواقع، وترتحل الذاكرة لتعيش في الماضي وتنقله لنا كأنه فيلم سينمائي يعرض أمام أعيننا.
العمل الذي يقوم به الروائي، من خلال الكتابة السردية، عمل مضنٍ ويحتاج إلى جهد كبير؛ وخصوصاً من الناحية النفسية، من حيث إنه يحمل كمّاً كبيراً من قصص الآخرين المحزنة أو المبهجة، وتتنوع المشاعر بين الحسرة والفرح، وعندما يصل الكاتب إلى شدة التعلق بفكرة العمل والتأثر بهذه القصة، وبعد أن تأخذ ملامحهما كاملة في مخيلته وتتغلغل في روحه، يبدأ الكتابة، ليجعل الوجع يتمطى بصلبه على الأوراق، ويحول الفرح إلى أغنيات تتراقص فوق بياض الورق، وكل ذلك يحدث من خلال تطويع اللُّغة لتخدم هذا العمل الذي تنمو الشخصيات فيه وتتوالد، وتبقى حية في ذاكرة القارئ زمناً طويلاً.
القصص والروايات ليست للتسلية أو المتعة فقط، هي تحمل قيمة مهمة من نواحٍ عدة، فتنقل لنا الماضي والأحداث التي جرت فيه، وتستشرف لنا المستقبل، كذلك تحاول إيجاد تفسيرات منطقية لبعض الأمور التي تلتف حولها الأسئلة، مثل الوجود، والموت، والحياة، والزمن...
يسبح الكاتب الروائي في الخيال ليطلق صرخاته وتأملاته، من خلال الشخصيات التي رسمها والأحداث التي تجري في ثنايا عمله السردي.
الكاتب الروائي صانع دهشةٍ وعالمٍ آخر يمضي في فلكه حتى النهاية.
كثير من الفِكَر تصل من خلال الرواية بطريقة أسهل وأسرع، وبأسلوب جاذب، بعد أن تحقق التأثير في نفوس المتلقين.
من المهم أن تركز الأندية الأدبية، وحتى مناهج التعليم، على هذا الفن الذي بدأ يتسيّد الساحة الأدبية في الفترة الأخيرة، وازداد قراؤه واتسع جمهوره، حتى يكاد يكون هو الأول من حيث القبول من بين الأجناس الأدبية.
ومضة:
يقول الدكتور عبدالله الغذامي:
«الراوي إلهامه في أذنه».
** **
- سليّم السوطاني