الحديث عن أديبنا الجامع علي بن خضران القرني حديث ذو شجون، ذلك أنه يرتبط بقيميتين كبيرتين لهما شأنهما الأكبر في مشارق القلب ومنابع الفكر ألا وهما شغف الحرف والارتباط بالمكان متمثلاً في مدينة الطائف مسقط الرأس ومنازل الأحلام الأولى، وهي المدينة التي عاش بها أديبنا الفاضل وحقق بها جل منجزاته الأدبية والثقافية إضافةً إلى ما شهدته مسيرته الطويلة من عمل إداري وتربوي.
وقد نشأت قارئة للشاعر والكاتب علي بن خضران القرني في مختلف صحفنا المحلية، كذلك في مجلة المنهل العريقة، ما يجعلنا نشعر أن مسيرة أديبنا المضيئة تتوازى في عمقها مع مسيرة مجلة المنهل التي شكلت عنواناً مشرقاً في المملكة فيما تميزت به من عراقة وإثراء على المستويين التاريخي والمعرفي.
إن علي بن خضران القرني أديب متعدد المواهب خصب العطاءات والمنجزات حيث أسهم فيما يزيد على نصف قرن في إثراء المشهد الأدبي والثقافي، حيث تمثل إسهامه بكتابة القصة والشعر والدراسات النقدية مروراً بالمقالة الاجتماعية الهادفة والمؤلفات الأدبية المتنوعة من كتب نقدية واجتماعية والتي توجها بإصداره موسوعته المتميزة (من أدباء الطائف المعاصرين) ما يشهد على قراءاته المعمقة وتقديره لأدباء وأديبات الطائف وعلى مواكبته للحراك الإبداعي في الوطن.
كما خط أديبنا المعطاء مسيرة مشرفة يشهد لها (نادي الطائف الثقافي الأدبي) منذ مرحلة التأسيس متقلداً مناصب مختلفة كعضو فاعل في مجلس الإدارة ونائب للرئيس لفترة طويلة بذل فيها جهوداً كبرى من أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بخدمة الثقافة والأدب في مرحلة كنا بها في أمس الحاجة إلى إسهامات أهل الأدب وحمل رسالة الثقافة.
وعلى الرغم من تنوع المجالات الكتابية التي اجترحها أديبنا الكبير إلا أنني أراه شاعراً امتلكته الموهبة الفذة وشكلت صوته الشعري الخاص كماً ومضموناً. ووفقاً للناقد عبدالله السمطي «نحن نقرأ الشعر بطريقة مختلفة عما تدفعنا إليه الكلمات حيث نخصب ما يهبنا النص في اطلاله البعيدة على العالم والأشياء». هكذا نجد شاعرنا علي خضران يكتب في حب الوطن كما في قصيدة «أهواك دوما بلادي» وكأنه يؤرخ لطقوس المكان برمزية الهوى والانتماء:
أهواك أهوى تراباً /يفوح من عطر كادي/
أهواك أهوى تراثاً /بالخلد دوما ينادي
ومثلما نستشف في شعره هذه الغنائية العذبة فإننا نجد أنفسنا تلقاء ألف قصيدة تتنوع في مضامينها ما بين هواجس الحلم والطموح وما بين صوت الروحانية التي تتجه إلى خالقها في «مناجاة» وخشوع يجعلنا نسبّح للخالق معه.
هكذا يؤرخ القرني في مسيرته لمرحلة اجتماعية مهمة، فالآداب شاهدة على المجتمعات ومجريات أحداثها.
** **
- بديعة كشغري