الفنانون خصوصا المسرحيين منهم، يتداولون هذه الأيام بقاء أو عدم البقاء على قيد الحياة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجميع أنشطتها الفنية، التي يعتبرونها بيتهم الثاني منذ خمسين عاماً مضت، كيف لا وهي التي انطلقت منها نجوم فنية أثرت الساحة السعودية في جميع المستويات الثقافية والفنية، والحديث يدور داخل أروقة وزارة الثقافة هو حول تحويل الجمعية بخطة وآلية وإستراتيجية ثقافية وفنية جديدة وذلك من أجل المصلحة العامة في إطار النقلة النوعية والفريد التي تعيشها مملكتنا الحبيبة، من خلال خطة البناء والتطوير وفق رؤية (2030) ولا خلاف على ذلك عند الفنانين وأخص المسرحيين، لكن القلق الذي يدور بمشاعر هؤلاء المسرحيين عن احتمال إلغاء الجمعية وهي المؤسسة ذات الإرث الفني التاريخي والأرشيف الثقافي المهم، جمعية ما زالت تعني للفنانين الشيء الكثير، فهي مقر للقاءاتهم وتدريباتهم وحكاياتهم وتواصلهم، فقط يريدون الاطمئنان والتوضيح عن مستقبل الجمعية، هل سترحل أم ستبقى مع التغيير في هياكلها الإدارية ودعمها مادياً لتنهض من جديد؟ رحم الله الأمير فيصل بن فهد وأسكنه فسيح جناته، أحب المسرح وأنشأه ورعاه ودعمه في إطار الرئاسة العامة لرعاية الشباب حينما كان مسؤولها الأول، كان مؤمناً بأن المسرح جزء من الثقافة والفنون والرياضة، وكان على قناعة بأن المسرح عنصر فعال وداعم ومساند للشباب، نعم كان يحب المسرح وله تقدير خاص عنده، يحضر ويوجد ويتعايش مع الشباب المسرحي في كثير من المناسبات المسرحية بمختلف مناطق المملكة التي يوجد بها مسرح، وقد ينوب عنه أحد وكلائه إذا لم تسمح ظروفه بالحضور، في عهده كانت عروض مسرح الجمعية أعمالاً ذات طابع اجتماعي جماهيري، ومشاركات مسرح الشباب فيها أعمال ذات طابع مهرجاني محلياً وخارجياً، وكان المسؤولون في رعاية الشباب (الإدارة الثقافية) أكثرهم من المثقفين والفنانين لهم ثقلهم وقيمتهم في الأوساط الثقافية والفنية والاجتماعية، لذلك ازدهرت الفنون بشتى أنواعها خاصة المسرح الذي ذاع صيته محلياً وخليجياً وعربياً، لكن بعد وفاة الأمير فيصل بن فهد، تضاءلت عروض مسرح الجمعية ومسرح الشباب شيئاً فشيئاً لقلة الدعم، وحل محل العملة الجيدة العملة الرديئة، تمثلت هذه العملة الرديئة في المسرح التجريبي الرخيص مادياً وفكرياً، الأمر الذي أدى الى تعطل لغة الكلام في المسرح السعودي.
تدوينه: إذا صحت الأنباء عن رحيل الجمعية، فإن الوقت المتبقي لها هو مجرد الإعلان عن موعد دفنها بما فيها من مسرح وفنون.
** **
- مشعل الرَشيد