ميسون أبو بكر
لأن الحوار دعوة إلهية وسمة إنسانية فهو ركيزة مهمة في مملكة الإنسان، سعت لها المملكة منذ زمن طويل ووثقتها عبر مراكز وفعاليات متعددة داخلها وخارج حدودها في قارات العالم.
الحوار الذي أود أن أتحدث عنه اليوم بشكل مجتمعي إنساني خارج إطار الرسميات، لكنه ثمرة من ثمار جهود متكاتفة وحثيثة لمراكز قامت بإرسائه بالمجتمع بطرق مختلفة ولعلني أتذكر قوافل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في مناطق متعددة وبين فئات من المجتمع، كذلك أكاديمية الحوار للتدريب وحقائبها المتعددة في هذا المجال.
الحوار فضيلة إنسانية من خلالها تفتح أبواب للنقاش مع الآخر ومخاطبة عقله والتأثير والتأثر به، هو الذي يصنع جسوراً بين البشر الذين يتشاركون الحياة على كوكب الأرض وفي بقعة قد تصغر حتى تصبح بيتاً يضم مجموعة من الأفراد يجمعهم الدم وروابط أسرية، وقد تختلف أفكارهم وتوجهاتهم لكن الحوار جسور تقارب.
السفر ووسائل التواصل الاجتماعي تكشف ثقافة الانسان وتقبله للآخر ولباقته في التخاطب والتعامل، وفي الفترة الأخيرة كشفت وسائل التواصل ضعف الكثيرين وعجزهم عن حوار الآخر عبر منصاتها فرأينا وسمعنا عجبا من أشخاص ضاقت بهم منصات الحوار فسقطت الأقنعة وذاب الثلج وبين المرج على قولة البعض.
مثلما نحرص على أن نكون بمنظر أنيق بملابس أنيقة والبعض يحرص على اقتناء (البراندات) المعروفة لتحسين مظهره! فالكلمة الطيبة ولغة الحوار هي أجمل أناقة وأعذب منظر يمكن أن يطل به الشخص ويواجه الآخر، وباطن الإنسان يطغى على ظاهره، لذلك هناك مقولات لفلاسفة بمعناها: تكلم حتى أراك.
قنوات كثيرة لتعلم فن الحوار مع الآخر، أولها القرآن الكريم الذي يعد خارطة طريق ونهج حياة، ثم ما بدأت به الحديث عن مراكز وأكاديميات تعتبر مرجعاً وأيضاً إصداراتها القيمة، وعوضاً عن الابتلاء بمشاحنات قد تتطور إلى قضايا وإدانات قانونية فهناك وسائل لتهذيب لغة الحوار، ووسائل للحوار مع الآخر سواء في سفر أو نقاش علمي أو على منصات وسائل التواصل، والأسرة التي أحسنت إعداد أفرادها وعودتهم على حسن الحوار والتعامل مع البشر هي المرآة التي تعكس حسن التربية وتأهيل الفرد للحياة، وهي التي ستحظى بدعوة طيبة وأثر جيد فأبناؤها هم الأفراد الذين سيمارسون سلوكياتها الحسنة في تعاملهم.
الحوار ثم الحوار وسيلة للحياة وهو مرآة لعالمك وأخلاقك وأناقتك.