د. تنيضب الفايدي
كان الكاتب في جلسة أخوية وذكر في حديثه قصة وقعت له في جبال أبلى، وتدخّل بعض الحضور لأنه لم يسمع بجبال اسمها أبلى وشارك معه بعض الحضور أيضا، ونظراً لأن تلك الجبال شغلت حيّزاً من مساحة الوطن الغالي وهي سلسلة طويلة من الجبال ولا يعلم عنها بعض القريبين منها ولا يعلم حتى اسمها، ونظراً لتنقل الكاتب بين تلك الجبال وقراها الواقعة سواء بين السلسلة الجبلية ذاتها أو جهاتها الأربع حيث أمضى في تلك القرى وقتاً طويلاً متتبّعاً المدارس الموجودة وإحداث المدارس الجديدة ودراسة مواقع لعشرات الهجر، لذا وجب على الكاتب أن يعطي معلومات عن تلك الجبال، وهي سلسلة طويلة عرضها عشرات (كم) ولو حسبت مساحتها فكانت أكبر من بعض دول الخليج العربي وهي سلسلة جبلية سوداء تمتد من الغرب إلى الشرق في شمال غرب مدينة المهد وتتجه شرقاً نحو ثمانين كيلاً، وأشهر جبالها:
عويشزة: من أبلى الغربية تصب مياهه في وادي الجعير.
ثمران: من أبلى الغربية تدفع مياهه في وادي المنبعج ثم في وادي الجعير.
مسمعة: جبل يُرى في غرب قرية الحجرية وراء الخليج وهو واحد من سلسلة تبرز فوق الحرة المتجهة شمالاً.
حوي: من جبال أبلى الغربية تدفع مياهه في وادي عريفطان.
القنينة : هو أحد جبال أبلى الغربية على الضفة الشرقية لوادي الخليج.
زيّ بكسر الزاي، هما جبلان: زي الأعلى ومنه سيل وادي عريفطان، وزي الأسفل ويمثل الزاوية الشمالية الغربية لسلسلة أبلى.
ضربون: جبل من أبلى الشمالية يقع بين نوبة وخطمة وتذهب مياهه الشمالية إلى وادي الشعبة.. ومياهه الغربية تدفع بوادي الخليج ثم في الشعبة. أما مياهه الجنوبية فتأخذ في الانحراف غرباً حتى تعود إلى قاع السويرقية.
قال أبو عبيد الله البكري: بضمّ الهمزة، على وزن فعلى، وهى جبال على طريق الآخذ من مكة إلى المدينة، على بطن نخل وأبلى: حذاء واد يقال له عريفطان، قد حدّدته في رسم ظلم وبأبلى مياه كثيرة، منها: بئر معونة، وذو ساعدة، وذو جماجم، أو ذو حماحم، هكذا قال السّكونىّ.
وحذاء أبلى من غربيّها قنة يقال لها الشّورة، وماؤهم آبار يزرع عليها، ماء عذب، وأرض واسعة، وكانت بها عين يقال لها النازيّة، وكانت عينا ثرّة، وحذاء أبلى من شرقيّها جبل يقال له ذو المرقعة، وهو معدن بني سليم، تكون فيه الأروى كثيرا، وفي أسفله من شرقيّه بئر يقال لها الشّقيقة، وتلقاءه عن يمينه، من تلقاء القبلة، جبل يقال له أحامر. وهذه الجبال تضرب إلى الحمرة، وهي تنبت الغرب والغضور والثّمام، وهناك تعار والأخرب: جبلان لا ينبتان شيئا، قال الشاعر:
بليت ولا يبلى تعار ولا أرى
ببئر ثميل نائيا يتجدّدذ
ولا الأخرب الدّانى كأنّ قلاله
بخلت عليهنّ الأجلّة هجّد
وقال كثير:
أحبّك ما دامت بنجد وشيجة
وما أنبتت أبلى به وتعار
وقال الشماخ:
فباتت بأبلى ليلة ثم ليلة
بحاذة واجتابت نوى عن نواهما
وتجاوز عين النازيّة، فترد مياها يقال لها الهدبيّة، وهي آبار ثلاث، ليس لها نخل ولا شجر، في بقاع واسعة بين حرّتين، تكون ثلاثة فراسخ عرضا، في طول ما شاء اللّه أن يكون، أكثر نباتها الحمض وهي لبنى خفاف ثم تنتهى إلى السوارقية، على ثلاثة أميال من عين النازيّة، وهي قرية لبنى سليم، فيها منبر، ويستعذبون الماء من واد يقال له سوارق، وواد يقال له الأبطن، ماء عذب، ولهم مزارع واسعة، ونخل كثير، وفواكه جمّة، من الموز والتين والعنب والرّمّان والسفرجل والخوخ. وحدّها ينتهى إلى ضرية، وحواليها قرى، منها قيا، بينهما ثلاثة فراسخ، وهي كثيرة الأهل والمزارع والنخل.
وقال الراجز:
ما أطيب المذق بماء قيّا
وقد أكلت قبله برنيّا
وقرية يقال لها الملحاء، سمّيت بالملحاء، بطن من حيدان، وهي في بطن واد يقال له قوران، يصبّ من الحرّة فيه ثلاث آبار عذاب ونخل وشجر، وحواليها هضاب، يقال هضبات ذي مجر.
وذو مجر: غدير بينهنّ كبير فى بطن قوران، وبأعلاه ماء يقاله ليث، آبار كثيرة عذبة، ليس لها مزارع، لغلظ موضعها، وخشونته، وفوق ذلك ماء يقال له شسّ، آبار كثيرة أيضاً، وفوق ذلك بئر يقال لها ذات الغار، أغزرها ماء وأكثرها، تسقى بها بواديهم، قال ابن قطّاب السّلمىّ:
لقد رعتمونى يوم ذى الغار روعة
بأخبار سوء دونهنّ مشيبى
نعيتم فتى قيس بن عيلان عنوة
وفارسها تنعونه لحبيبى
وحذاء هذا الجبل جبل يقال له أقراح، شامخ لا ينبت شيئا، كثير النّمور والأروى، ثم تمضى من الملحاء، فتنتهى إلى جبل يقال له معان، فى جوفه أحساء ماء، منها حسى يقال له الهدّار، يفور بماء كثير، بحذائه حاميتان سوداوان، فى جوف إحداهما مياه ملحة، يقال لها الرّفدة، حواليها نخلات وآجام يستظلّ بها المارّ، شبيهة بالقصور، وهى لبنى سليم؛ وبإزائها شواحط، وهو مذكور فى موضعه.
بضمّ أوّله، مشدّد الياء، على وزن فعلىّ: موضع تنسب إليه رجلة أبلىّ، وهو مذكور فى حرف الراء».
قال الزمخشري: «اسم وادٍ، قال الاخطل:
ثم تربَّع أُبلياً وقد حميت
منها الدكادك والأكم القراديد
قال الحازمي الهمداني : على وزن حبلى ويمال: قال الكندي: ثمّ تمضي من المدينة مصعداً إلى مكة فتميل إلى واد يقال له عريفطان معن ليس به ماءٌ ولا مرعى، وحذاؤه جبالٌ لها أبلى فيها مياه منها: بئر معونة وذو ساعدة، وذو جماجم أو حماحم - شكٌ - والوسباء وهذه لبني سليم وهي قنان متصلة بعضها إلى بعض، قال فيها الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا
أرومٌ فآرامٌ، فشابة فالحضر
وهل تركت أبلى سواد جبالها
وهل زال بعدي عن قنينته الحجر
قال نصر الإسكندري: «وأمّا (أبلى) لامه مفتوحة وبعدها ألف لفظية: فهي جبال عند معدن بني سليم أو قريبة منه».
قال الحموي: بالضم ثم السكون والقصر بوزن حبلى، قال عرّام: تمضي من المدينة مصعدا إلى مكة، فتميل إلى واد يقال له عريفطان معن، ليس له ماء ولا مرعى، وحذاه جبال يقال لها أبلى، فيها مياه منها بئر معونة، وذو ساعده، وذو جماجم، أو حماحم، والوسباء، وهذه لبني سليم، وهي قنان متصلة بعضها إلى بعض، قال فيها الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا
أرومٌ فآرامٌ، فشابه فالحضر
وهل تركت أبلى سواد جبالها
وهل زال بعدي عن قنينته الحجر
وعن الزهري: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل أرض بني سليم، وهو يومئذ ببئر معونه بجرف أبلى. وأبلى بين الأرحضيه وقرّان- كذا ضبطه أبو نعيم».
قال عبد المؤمن البغدادي: «بالضم، ثم السكون والقصر، بوزن حبلى: جبال فيها مياه، منها بئر معونة وذو ساعده وغيرها: قنان متصل بعضها ببعض، لبنى سليم».
قال الإمام السمهودي: «أبلى، (كحبلي)، قال عرّام بعد ذكر الحجر والرحضية: ثم يمضي نحو مكة مصعدا فيميل إلى واد يقال له عريفطان حذاء جبال يقال لها أبلى، ثم ذكر مياهها الآتية وأنها لبني سليم.
قال محمد حسن شُرّاب: بالضم ثم السكون، والقصر، على وزن «حبلى» روى الزهري قال: بعث رسول اللّه قبل أرض بني سليم وهو يومئذ ببئر معونة، بجرف ابلى بين الأرحضية وقرّان.
قال البلادي بعد ما ذكر أقوال المؤرخين السابقة: «لا زالت أبلى معروفة، سلسلة جبلية سوداء تقع غرب المهد إلى الشمال، وتتصل في الغرب بحرة الحجاز، وفي كتاب الهجري: أبلى: وأنشد رجزاً لم يسم قائله:
بين يقين، وبين أظلم
وبين وغيّ وعُرَب وعيّهم
يقين: جبلان من أبلى، وأبلى بلد كبير، فيه الجبال والمياه والشعاب وهو عن يمينك من معدن بني سليم وأنت تريد العراق وأظلم جبل بالعمق أسود، ووغيان: جبلان عن يمين السابلة من جادة البصرة وأنشد الحارث بن سباع بن جوين المطلي من عميرة خفاف:
لعمرك لا الثماد ثماد أبلى
أحب إليه من عمقٍ محيا
منازل كل أبيض مضرحي
كريم الخال ساد بها صبيا
إن سلسلة جبال أبلى جزء من المهد أي: مهد الذهب الذي عرف منذ القدم بمعدن بني سليم، ولا تخلو تلك السلسلة من معادن نفيسة، هذا مختصر لجبال أبلى، إنها جزء من الوطن الغالي.