ذات صباح، أثناء ذهابي إلى مقر عملي، لفت انتباهي وجود متسولة عند إحدى إشارات المرور. منظر لم أَرَهُ منذ زمن. عُدت بذاكرتي أسترجع آخر مرة رأيت فيها مثل هذه الظاهرة. رأيتُني أكاد أجزم أننا لم نعد نشاهد مثل هذه الظاهرة منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، وانطلاق رؤية المملكة 2030 بقيادة الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي العهد الأمين. وهذا الأمر قد يعود إلى عوامل عدة، سوف أتطرق إلى أهم عاملين منها في هذا المقال، أولهما "توطين الوظائف"، فقد سعت الحكومة؛ عبر برامج رؤية المملكة 2030، إلى تخفيض البطالة، من خلال توفير الوظائف المناسبة للمواطنين والمواطنات الباحثين عن العمل بمختلف التخصصات، حتى ولو لم يكن لديهم خبرات سابقة، وفرض التوطين على كثير من المهن. فلم يعد هناك أي عذر لأي مواطن أو مواطنة قادرين على العمل في عدم الحصول على وظيفة مناسبة ولو بشكل مؤقت. أما العامل الآخر فهو "الضمان الاجتماعي"، الذي يستهدف فئات عدة، بعضها غير قادر على العمل؛ إما لكبر سن أو إعاقة، فقد عالج هذا النظام أوضاعهم. وبعد اعتماد نظام الضمان الاجتماعي الجديد الذي يهدف إلى التأكد من أهلية المستفيد لاستحقاق المعونة والقدرة على التصرف فيها؛ أصبحت هذه المعونة تذهب لمستحقيها الفعليين، وتكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وليسوا مضطرين للتسول لسد العجز الناتج عن نقص المعونة كما في السابق. وبمعالجة هذين العاملين اللَّذَيْنِ شملا غالبية المواطنين؛ لم نعد نرى متسولين بالشكل الكبير الذي كنا نراه في فترة ماضية، وإذا كان لا يزال هناك من يتسول، فكلي ثقة بأن المسؤولين سيبذلون جهدهم في معالجة أوضاعهم. ومن الإنصاف الإشادة بالجهود الكبيرة للمسؤولين التي كان لها الدور الفعال في نجاح تحقيق أهداف هذين العاملين، وذلك من خلال سَنِّ القوانين الملزمة، والمتابعة الصارمة لتنفيذ الإجراءات، ومعاقبة المخالفين. كما نُشيد بالتعاون الإيجابي من المواطنين والمواطنات في تقبل كثير من المهن التي لم تكن مقبولة في وقت مضى. وقد يعيد التاريخ نفسه؛ فكما أغنى الله الناس في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي ضُرب بعدله المثل، حتى كان يُطاف بالزكاة في آخر خلافته فلا يوجد من يقبلها؛ لا أستبعد أن يحدث هذا الأمر مرة أخرى، وهذه المرة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي وضع المواطن في أول اهتماماته. ويتجلى ذلك في ضمان توفير أسباب الحياة الكريمة له رغم الظروف التي تعصف بمنطقتنا العربية، وغياب الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي في محيطنا. وأحدث مثال على ذلك، ما صدر من أوامر ملكية لدعم العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من تداعيات جائحة كورونا.
** **
@msubaie1