لم يضع وجهاء علم الإدارة فصلاً في (إدارة الوقت) عبثًا! ولكن لأغراض لعل أسماها هو إتمام الأمور أولاً بأوّل، بخاصة المعلّقة.. التي أُلحقت -كناية لها- بما على سطح المكتب (1)، أي لا يمكن تأخيرها. وعلى هذه تجد من أنجزوا لو تمحصت حالهم لاطلعت على شيء عجب أن معظم وقتهم قطعوه بإنجازات تترا حتى لا يأتي آخر الأسبوع وفيه بقية للأسبوع التالي. ومن هنا يُنصح بأن أي أحد لديه فكرة فمن الآن يبدأ بها ولو خطوة (على الأقل أن لا ينساها)(2) ولعلي نوّهت بعدة مواضع من طروحاتي إلى عنوان كتاب (صيد الخاطر) ولاحظ لفظة "صيد.." فإنها مختارة بعناية، وقد أوجز مؤلفه ابن الجوزي -رحمه الله- السبب: (لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ثم تعرض عنها فتذهب كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكي لا ينسى). أي لغرض واضح مرامه: أنك إن لم تمسك بالفكرة، أو قيل تحبسها بكتابةٍ (لها) ولو رؤوس أقلام -مما يحضر ذهنك عنها- فإن لم تفعل فغالبًا تمضي لسبيلها، وقد لا تعود تغرّد على غصن ذهناك بعدها. لأنه لا يخفاك من قد تزوره فيثبتها، وإن مرّت عليك قبله (3).. وكأنها ترسل لك وجهًا من الملامة أن علام فرّطت فيّ؟! بل ما أبلغنا هذه الفجوة والغرب إلا أنهم بالغالب ينجزون أولاً بأول، فأنت وحين تكون بين أخشبي ديارهم إلا وتتأكد أن القوم عمليون لدرجة أن بعضهم يخبرك كم دخله المادي بالساعة. وبالمناسبة فإن المادة قد تكون أكثر حافز لهم.. ولا ضير بل من هنا تجد الرواتب الضخمة لأن بينهم من يقود مركبات فضائية أبلغت أممهم عنان التقدم، وجعلت من بلادها في مصاف دول العالم الكبرى فما الأمة إلا من أفراد وفرق بين فرد منجز، وآخر يتثاءب!! ونعود لما نروم من هذه الأسطر (والعود أحمد): إن الوقت هو عمرنا (يا ابن آدم إنما أنت أيام..)(4)، والحصيف هو ذلك الذي يستغلّ العمر، أقصد تلك الأيام.. التي أوجزت الآية كأنها تحذير للمتثائبين عن الحفاظ على مجد توارثوه عن آباء آبائهم قبل: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.. ومتى يحدث هذا التداول؟ اعلم أن للهِ سننًا، فإن أهمل المرء تلك السنن فضلاً عمن يُعرض عن إعمالها إلا وكان صنيعه مؤذنًا لقرب زوال ما هو فيه(5) مما تعمدته يده وهذه المحطة نقع في وئيد خُطاها من حين -والله أعلم- نعلم عن ذاتنا أنه: كم من فرصة أتت فقالت: هيأت لك..! فمضت ولم نحدث بها ما يعلي كعب دُنيانا، هذا.. إن كان أمر ديننا أمسى شأنه عند البعض منّا/ فُرطًا..! والعتب محمول على نوعية(6) نادرة.. تجدها بقولهم: فلان من (الأفذاذ)(7) لأنها طرّا من تعوّل عليه الأمة أو ذاك الذي يبنى على ما أعطاه مولاه من أفكار، أو أمانٍ حسان تُرجى من مثله.. على نحو/ إِنّا لَنَرجو إِذا ما الغَيثُ أَخلَفَنا مِنَ الخَليفَةِ ما نَرجو مِنَ المَطَرِ وهل من مطر مواكب غزيرهُ قدر ذاك الفذّ الذي تختبئه أمته لليالي الكالحات.. كفجر يؤذن من انبلاج إشراقته، ونور طاقته ما يحيي أمةً من رامسها، وصدق الحق حين قال عن خليله {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً...}(8) عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام.كلنا أمسى اليوم يتعامل مع تطبيق "الوتس أب" التي هي كلمة عاميّة غير رسميّة، حيث تُستخدم لطرح سؤال على شخص ما للاطمئنان عن أخباره.. ولعل مرامها ما لا يحتمل التأخير. 2) وكم من فكرة مبدعة توارت خلف سوف! 3) فالأشجار كثيرة..! 4) و (.. كلما انقضى يوم قضى بعض عمرك) الحسن البصري. 5) وهنا قيل (يداك أوكتا وفوك نفخ)! 6) للعلم أن ليس كل أحد يبلغ هذه (الربوة). 7) مفردها (فَذّ) أي لا مثيل له، فريد من نوعه، له مزايا التَّفوُّق. 8) حين سُئل عبد الله بن مسعود عن الأمة القانت أجاب: الأمة: معلّم الخير، والقانت: المطيع لله ورسوله