عطية محمد عطية عقيلان
يتطور الإنسان وتسمو نفسه بمن حوله ومن يصادق ويزامل، ونكون من فئة السعداء والمحظوظين إذا وفقنا بمجموعة منهم، والتي تدفعك للرقي والتقدم في حياتك العملية والنفسية والاجتماعية، ولاكتشاف أثرهم أو تأثيرهم نحتاج في أغلب الأحيان إلى سنوات حتى نتعرف على ذلك، لذا أؤمن أن من أسباب نجاح الإنسان وسعادته على مستوى العمل والحياة الأسرية والعامة بشكل عام وحتى الصحة هم المحيطين بك من أصدقاء وزملاء وندماء، دون اعتبار لعددهم أو كثرة لقائهم، فالبعض يكون محفزاً لك برسالة أو مكالمة وبلقائه يقدم شحنات من الإيجابية والأمل والتحفيز ويستصغر أية مشكلة تمر بها ودوماً يجد ويقدم حلولاً وتبسيطًا لها تدفعك إلى الأمام والسعادة والزهو بما تقدمه، لا يعرف للنقد الهدام وتكسير المجاديف والنصيحة بالتشهير طريقاً في علاقتك به، وتعجبني نظرة صديق لي بفكرة أن العلاقة مع الناس أشبه بقائمة الطعام والمليئة بمختلف الأصناف وجمال هذه القائمة أنها اختيارية لطلب ما تحب وترغب، وأيضاً أنت لست مطالباً بتكملة طلبك إذا لم يعجبك، وهذا الرابط بين قائمة الطعام والناس من حولك تجعلك دوماً لا تغتر بالمكونات والصور الموجودة فيها لأن الواقع قد يكون مغايرًا تمامًا عنها، كذلك البشر قد يغترون بهيئتهم ولبسهم ومنطوقهم، ولكن عند مزاملتهم ومصادقتهم قد لا تختلف عن تجربة التغرير التي مرت بك سابقاً في انخداعك بشكل الوجبة على قائمة الطعام، لذا تعلمت من صديق آخر أن تطلع على تعليقات الزبائن قبل طلب الوجبة للتعرف على توصياتهم وردة فعلهم عليها، فالاطلاع أيضًا على نظرة الآخرين وآرائهم السابقة عن من تقابلهم عامل مهم في تكوين معرفة ودراية عنهم، وقد تختصر عليك الكثير من المعاناة والانخداع والخسارة بهم وكما يقال «الكيس من اتعظ بغيره»، وتذكر أن الناس في العادة لا يجتمعون على باطل، والناس الطيبون الذين تكتشفهم بعد سنوات من العشرة سوف تجد كل من تعامل معهم يشيد بطيبتهم وسمو أخلاقهم وعدلهم ومساندتهم للقريب والبعيد، لذا عند معاشرتنا للناس وتعرفنا عليهم لا بد أن ننتبه جيدًا لآراء زملائهم وعارفيهم وأن نضع بالاعتبار رأيهم فيه عند حديثهم عنه، فلا تغتر بالقصص المضحكة والمسلية التي يرويها عن أصدقائه وما قاموا به في السفر أو التجارة، وتذكر أنك ستكون في نفس الوضع في مجلس آخر أنت لست موجوداً به. كذلك العلاقة بين البشر وقائمة الطعام والتي يجب أن تستفيد منها باختيارالصفة التي تعجبك وليس بالضرورة أن تتقبل كل شيء منه، فخذ ما يناسبك من صفاته والتي ترغبك فيه كزميل وصديق وصاحب، ولنحاول أن نعدل أيضًا من الأشياء السيئة التي تنفر أو تبعد الآخرين عنا بالتدريب المستمر وتغيير ردّات الفعل والتغافل، طبعاً لا يتطلب الاهتمام والعلاقة اللقاءات المتكررة والمكالمات المستمرة ولكن كل شخص يعرف درجته ومدى الاهتمام به دون معيار ثابت وقانون محدد مع مراعاة أننا لسنا كاملين، وكذلك الآخرون، ولكن نضع دوماً نصب أعيننا في التعامل قانون «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به»، وارضَ للناس ما ترضاه لنفسك، والعلاقة مع الناس تتطلب قليلاً من الصبر وأن نتحملهم في جميع حالاتهم، لاسيما إذا تأكدنا أن معدنهم كالذهب وإن تأثروا بالغبار التي غطت لمعانهم إلا أنهم في أقرب طلب أو حاجة أو فزعة سيرجعون لأصلهم الثمين، وهناك عبارة للإذاعي الأمريكي برنارد ميتلزر «الصديق الحقيقي هو الذي يعتقد أنك بيضة جيدة على الرغم أنه يعرف أن هذه البيضة متشققة قليلاً».