لا أحد ينكر النقلة النوعية التي يعيشها العالم وسرعة نقل الحدث والمعلومة على النطاق المحلي أو العالمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح لزاماً على كل فرد أن يبدأ يومه من نافذة إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بحيث وصلت إلى الإدمان في بعض الأحيان وربما أصبح أولوية على حساب مصالح أخرى سواء كانت صحية أو اجتماعية أو أخلاقية، بل إن بعض الأشخاص لا يستطيع الاستيقاظ من فراشه دون النظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي حتى أنهم يعتبرونها أولوية على أداء واجب أو فريضة -والعياذ بالله-. وهذا في الأساس إذا كان في نطاق المعقول فإنه من الأشياء التي تجعل من الفرد يطلع ويواكب الحدث كي لا يبقى حبيس نفسه ولكن يبدو أننا ومع الأسف أصبحنا تحت وطأة أهواء وغايات مشاهير التواصل الاجتماعي الذين هم الوحيدون يبدو أن غايتهم الربح على حساب الأمة وصحة الإنسان، فهم في الواقع يعرضون ما يأتي إليهم الغث والسمين بدون رادع أخلاقي لما قد يسببه الترويج لمنتجات معينة من أضرار صحية وجسدية على أبنائنا وبناتنا، فخذ على سبيل المثال لا الحصر بعض مشاهير السناب شات يعرضون بعض المنتجات التي تغري بعض الفتيات لغرض تحسين البشرة أو تعديل بعض الحاجات التي في نظرهم أنها غير مرغوب بها لهدف الذهاب إلى عيادات أو مشاغل أو صالونات البشرة لمعالجة هذه الطوارئ وفي الواقع بدلاً من تحسينها ربما تزيد من إتلافها مما يضطرهن إلى الذهاب إلى استشاري أمراض جلدية لمعالجة ما تم إتلافه من قبل عاملات المشاغل والسبب مع الأسف متابعة حساب أحد المشاهير وبعض أطباء السناب شات ولو رجعنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أن الأجداد والجدات كانوا يعيشون مع أزواجهم بقناعة تامة بما هم عليه، حيث إن القناعة هي بيت القصيد والرضا بما منحهم الله من ملامح وأجساد وخلافه هي عنوان وأسلوب حياة ولم يكن منهم من يشتكي من ذلك حتى يلجأ إلى صالونات أو مشاغل أو عيادات تجميلية للتعديل، بل إن حياتهم كانت سعيدة بما أنعم الله عليهم من خلقهم والرضا والقناعة به، ويقدر بحث لجامعة «توركو» الفنلندية للعلوم التطبيقية أن 78 % من المستهلكين يتأثرون «بشدة» في توجهاتهم الاستهلاكية بما يعرض لهم على السوشيال ميديا، وليس من خلال الإعلانات فحسب، بل من خلال متابعة حسابات الأصدقاء أو المجموعات (الجروبات) غير الإعلانية.
وإن واصلنا حياتنا على هذا الأسلوب أخشى أن نفقد هويتنا وثقافتنا وخصوصيتنا ونصبح ضحية آراء ورغبات مسوّقين لمنتجات نحن لسنا بحاجة لها ولدينا أولويات وهموم وطلبات وأهداف أهم يمكن أن نسعى لها، وفوق هذا القناعة والرضا هما أهم مصدر للتغلب على متطلبات العصر دون الحاجة إلى من يسوِّق علينا منتجات على حساب قيمنا وصحتنا وثقافتنا، وعلينا عدم الانصياع إلى مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يبدو أن عنصر الربح طغى على عامل الصحة لديهم.