م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- «النسوية» مصطلح برز في القرن التاسع عشر.. ثم أصبحت حركة ترى أن الرجل يبسط سيطرته على المرأة من خلال قوته الجسدية، أو قدرته الاقتصادية، أو قوانينه السياسية، أو تشريعاته الدينية، أو من خلال هيمنته الاجتماعية.. وأن المرأة ليس أمامها سوى اللجوء إلى الإغواء والإغراء للمقاومة.. أو المسايرة الاجتماعية وتقديم الخدمات المنزلية والمتعة الجنسية والتودد المذل في سبيل إقناع الرجل بمنحها ما يحق لها.. حتى أصبح المقابل لحصول المرأة على حقوقها هو رشوة الرجل.. وإذا أعطاها حقها عُدَّ ذلك نوعاً من الوفاء وكريم الأخلاق في الرجال وليس الواجب الذي لا منَّة فيه.. واستمرت هذه الممارسة حتى بدت حتمية لا فكاك منها، بل وعدت طبيعة بشرية فطرية لا يمكن كسرها.
2- الحركات النسوية في مطلع بزوغها انقسمت إلى قسمين: قسم أعلن ولاءه التام للرجل بشكل مطلق.. وأنه لا استقامة للحياة بلا الرجل.. وأن النساء عاطفيات وبالتالي ضعيفات عقل لا يمكن أن يقمن بأنفسهن على عمارة الحياة.. والقسم الثاني يرى في الرجل أنه العدو الذي يجب الحذر منه.. وعدم منحه أية منزلة أو حضور في حياة المرأة.. وأنه ليس أكثر من وسيلة للإنجاب كما تفعل قبائل النساء في الأمازون.. واعتبار الرجال أساس الشرور.. والدليل: أن الحروب أشعلها الرجال وخاضها الرجال وراح ضحيتها النساء والأطفال.. ثم في أواخر القرن العشرين ظهر تيار الموجة النسوية الثالثة إبان التسعينيات.. والتي ترى التكامل بين الرجال والنساء بدلاً من الانضواء الكامل أو العداء الكامل.. وأن المنافسة عقلية وليست عضلية أو تشريعية (سياسية أو دينية أو اجتماعية).. وتقوم على إعادة تعريف المرأة وأنها ليست مخلوقاً ضعيفاً، بل قوي واثق من نفسه قادر على التحكم بحياته الخاصة.
3- التيار النسوي الحديث تطور من حالة الصدام مع الرجل إلى حالة التكامل معه.. ومن الدعوة إلى استقلال المرأة وإقصاء الرجل إلى الدعوة للتعاون بين الرجل والمرأة.. ورفض تصوير المرأة كضحية لا حول لها ولا قوة وتصوير الرجل كجلاد لا يرحم.. ويرون أن هذا لن يؤدي إلى الوصول إلى نتيجة لأنه تفكير متوهم لا واقعي.. فالشر والخير في الجميع رجالاً ونساء.. وأن الحركة النسوية يجب أن تركز أكثر على حقوق الإنسان.. وعدم البحث في أمور تراها الحركات النسوية السابقة قمعاً للمرأة.
4- التيار النسوي الحديث يرفض تأزيم المواقف بين الرجل والمرأة.. وأن يتمترس كل منهم خلف حصون النظرة المسبقة والانطباعات الموروثة تجاه الآخر.. كما يرفض أن يكون الخطاب النسوي أو الذكوري خطاباً إيديولوجياً أو حزبياً أو عنصرياً.. أو أن يصنف على أنه نوع من الكفاح ضد الآخر.. فهذه كارثة إنسانية في المقام الأول.