علي الخزيم
يدخل أحدهم على مريض منوم بالمستشفى كزائر يزعم أنه يقوم بواجب إنساني أو صلة رحم للاطمئنان عليه، وما ان يستقر جالساً بجانبه حتى تنهال منه الأسئلة الثقيلة المكررة المُمِلّة، التي سمعها المريض ومرافقه مراراً من زوار أمثاله، تبدأ بالسؤال عن الحال؟ والحال معروف: إنسان يتألم ويأمل أن لا تطيل المقام! ويتبعه بسؤال عن آخر مستجدات العلاج؟ وقبل إجابة المريض يدخل بشرح وافٍ عن آثار بعض الأدوية؛ ويضرب أمثلة مستفيضة لحالات يَدّعي أنها تأثرت سلباً بمثل هذه العلاجات الموصوفة للمريض الذي سئم تحليلاته المطولة وكأنه المشرف العام المسؤول عن مختبرات ومراكز هيئة الدواء والغذاء الأمريكية، أو استشاري طبي عملاق حاز شهادات وأوسمة دولية، وهو الذي لا يُفرِّق بين أنواع المسكنات المُعتادة، وحين يستهلك ما بجعبته من خبراته الخاطئة عن مفعول الأدوية؛ وبعد أن قفز وصعد مؤشر الضغط والسكر لدى المريض سيئ الحظ؛ يبدأ الزائر بسرد قصص لحالات مرضية لأناس تعرضوا وهم بالمستشفى أو بمنازلهم للجلطات والاغماء والصرع والمسرطنات بسبب تراكم العلاجات والأخطاء الطبية وغير ذلك، ولا يوقفه عن سيئ الكلام غير المباح ألَّا سقوط المريض أمامه مغشياً عليه، ليس لأنه مُصدق لطرحه وهرطقته؛ بل لأنه صُعق بأن بشراً يمكن أن يكون بهذا الفكر المتدني سلوكياً وذهنياً؛ فاقد لأبسط قواعد الذوق، مُفتقر لأدنى مستويات اللباقة، ولم ينته المُهرِّج الثقيل عند هذا الحد؛ فقد التقط صوراً للمريض المكلوم المنكوب بتلك الحالة المزرية بسببه، ثم بثَّها عبر جهازه المحمول ليُعلن للآخرين أنه تكرم بزيارة المريض وتفقد أحواله وأنه يدعو المتابعين للدعاء لأخيهم المسلم!
أنظمة وزارة الصحة تمنع تصوير المرضى بدون إذن أو سند قانوني، وما يُخل بمصلحة المريض وما يتعارض مع القواعد الشرعية والأعراف الإنسانية والاجتماعية، سواء من الزوار أو من الطبيب المعالج كنشر صور العمليات الجراحية بغرض الدعاية والتسويق، وتوضح الوزارة بموقعها الإلكتروني حجم العقوبات المترتبة على ذلك، وتؤكد هيئة التخصصات الطبية بأنه لا يجوز تصوير المرضى ونشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدون إذنهم، وأن العقوبات تنتظر من يفعل ذلك، وشددت جمعية حماية المستهلك على منع تصوير المرضى أو أي جزء من أجسامهم، وأشارت إلى إمكانية فعل ذلك عند الضرورة ووفقًا لضوابط معينة منها: إذن المريض أو من ينوب عنه بدون ضغوط عليه، وإخطار المريض بأهمية التصوير والغرض منه وكيف وأين يُستخدم، والتأكد من أن التصوير سيستخدم لأغراض مقبولة، أو ضرورية كالرعاية الصحية والتعليم الطبي والبحث العلمي، مع إثبات حق المريض بسحب موافقته في جميع الحالات، وعدم نشر الصور إلا بموافقة خطية دون كشف هوية المريض أو ما يدل على شخصيته، وعند إساءة الزائر للسلوك، أو من لا يستجيب للتعليمات والنظام فيحق للمنشأة الصحية تحويله لمسؤول التمريض أو لأمن المنشأة أو الشرطة.
فليس من البر ولا المروءة الإثقال بالزيارة وتصوير من أضناه المرض ولا يملك قراره، وعاجز عن التعبير والاعتراض على اقتحام خصوصيته والنيل من كرامته.