خالد بن عبدالكريم الجاسر
ظهر الفاسد، وكفى الله الحكومة شرّ القتال وشرّ الفاسدين.. لتبدأ مرحلة النقاء والطهارة الوطنية التي تُعيد الأمور لنصابها وبداياتها الصافية.. التي بدأها بمسيرة طويلة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان لمواجهة الفساد بكل صنوفه لما له من آثار سلبية على التنمية والاقتصاد والمجتمعات، لتأتي مبادرة الرياض لمكافحة الفساد العابر للحدود دولياً «غلوب»، والذي سبق وأُعلن عنها بمبادرة من المملكة العربية السعودية خلال رئاستها لدول G20 عام 2020، واعتمدتها الأُمم المتحدة التي حثت الدول على الاستفادة من شبكة إنفاذ القانون، الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمحاربة الفساد والتي جاءت تتويجاً لدور المملكة وريادتها في حرب الفاسدين والطامعين بمقدراتها من قلة قليلة ذات النفوس الضعيفة، فاتحة عهدا جديدا في محاربة الفساد العابر للحدود، وليتطهر المجتمع من أدران وشوائب ذلك الفساد بعد إلقاء القبض على رُتب وقيادات بل وأُمراء خرجوا عن حدودهم الوطنية ومسؤولياتها المجتمعية بهدر الملايين والمليارات وعقد الصفقات والتسهيلات والعطاءات بطرق غير شرعية.. لتُثمر تلك الجهود المُضنية التي انعكست على أرقام الاقتصاد السعودي، واستفادة المواطن منها عبر مشاريع البنى التحتية والصحة والتعليم، لأنه ببساطة «المال المُسترد» في قبضة أمينة تحمي الوطن والمواطن، لتكون تجربة صعبة وحربا ضروسا خاضتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، باقتدار واستبسال، في انتصار لم يتحقق إلا بفضلٍ من الله، ثم بوقوف الدولة ودعم هذه الحرب.
إنها مبادرة سعودية، بل مشروع ريادي من شأنه تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول في مواجهة هذه الآفة والتضييق عليها وتجفيف منابعها التجارية والاجتماعية، ثُم ملاحقة المتورطين لاسترجاع ما سلبوه، حيث سجلت مدركاته العالمية في السنوات الأخيرة مستويات قياسية، وبات حجر عثرة أمام تنمية الدول وتقدمها؛ ليستبق قرع طبولها سمو ولي العهد، قبل سنوات، لكونه فارسها الأول، مُنفذاً وعوده التي قطعها على نفسه، وساند جهود الدولة وتوفير مناخ عادل نزيه لا يلوّثه الفساد، بسنّ قوانين لمكافحة تبييض الأموال، وأعاد هيكلة الاقتصاد والنظام الحكومي الذي ربما كانت تستغل ثقوبه، لتكون هذه الحرب بجهود سعودية حثيثة، محل تقدير عالمي وتجربة أكسبت الاقتصاد السعودي النزاهة والشفافية، وأوجدت بيئة خصبة للاستثمار وتوفير الفرص دون تمييز ولا احتكار، ونواة بل وركيزة خصبة لتأسيس شبكة عمليات عالمية لتبادل المعلومات بين أجهزة مكافحة الفساد حول العالم «غلوب» لملاحقة الجرائم العابرة، وإيجاد قنوات تواصل بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد لضمان الوصول للفاسدين الفارين من العدالة..
باختصار: ظهر الفاسد وآن لفاسديه أن يختفوا..