أ.د.عثمان بن صالح العامر
تشرفت بدعوة كريمة من قبل الإدارة العامة للعلاقات في وزارة التعليم للمشاركة في اللقاء الإعلامي الثاني لمعالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، وذلك يوم الأربعاء الفائت 28 شوال 1442هـ. ومع أن اللقاء كان معنياً في الأساس بموضوع التقويم الدراسي الجديد 1443هـ الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، وما تضمنه من تطوير للمناهج والخطط الدراسية، والفصول الثلاثة، وعدد أيام الدراسة الفعلية، إلا أن ما طرح ونوقش وتم الإبحار فيه بشكل موسع، وبكل شفافية ومصداقية ووضوح كان أعمق وأبعد من ذلك بكثير، وكأن ما أعلن عنه، وعقد العزم عليه إبان الأيام القليلة الماضية، لا يعدو أن يكون الخطوة الأولى للتصحيح الحقيقي والتغيير الفعلي لا الشكلي في منظومة العمل التعليمي بالكامل.
إنها ليس مجرد أماني وطموحات وتطلعات يتوق فريق الوزارة لتحقيقها، بل هو مشروع وطني كامل، مدعوم ومتابع من لدن مقام مولاي خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين يحفظهما الله.
هذا المشروع يعكف على إعداده ورسم استراتيجياته وتحديد خطواته منذ أكثر من سنتين فرق استشارية عديدة:
- درست واقع التعليم السعودي ونظمه منذ ظهور أول نظام للتعليم في المملكة العربية السعودية قبل ما يقارب 100 عام بإنشاء مديرية المعارف عام 1344هـ وحتى وقتنا الراهن.
- كما قرأت تجارب عالمية عديدة، وعقدت المقارنات الدقيقة، من أجل تحديد الاحتياجات الحقيقية لطالب اليوم.
- واستشرفت في ذات الوقت المستقبل الذي سيتولد عنه ما نفعله اليوم.
وكان الهدف الذي وضعته هذه الفرق نصب عينيها، وما زال حاضراً في الذهنية الوزارية التي تعمل فريقاً واحداً من أجل مستقبل منشود، هو: (بناء إنسان يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، ووظائف المستقبل، والمشاركة في التنمية الوطنية، والقدرة على المنافسة عالمياً).
وكانت المتغيرات الأكثر حضوراً وتأثيراً فيما انتهت إليه هذه الفرق:
- العالم ماذا يصنع، وماذا نحتاج حتى نكون عنواناً بارزاً في الحضور الفاعل، والتأثير الحقيقي في الحركة العلمية والتطويرية العالمية.
- رؤية المملكة 2030، وطموحات وتطلعات ولاة الأمر في جعل عام 2030 تاريخاً فارقاً في مسارنا التنموي والنهضوي عموماً، وما التعليم إلا جانب مهم منه.
- برنامج التحول الوطني الذي لا يعدو التحول في التعليم إلا أحد أهم مفرداته.
- إعداد طلابنا وطالباتنا لسوق العمل بكل متطلباته المهارية والعلمية والفكرية والنفسية والاجتماعية. وهذا متغير جديد لم يكن حاضراً بالصورة المتوخاة في مناهجنا التعليمية السابقة، جنباً إلى جنب مع جوانب الإعداد الأخرى التي قد تكون لبت احتياجات المرحلة الماضية في بناء الوطن. ولكنها لن تفي بمتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية التي تختلف في معطياتها وتحدياتها وظروفها عمّا كان الحال من قبل.
تولد عن هذا الجهد المستمر والمتواصل، وبناء على هذه المنطلقات والمحددات الواردة أعلاه، وتأسيساً على هذه الأرضية البحثية العلمية المركزة نتائج عدة، هي مضامين التغيير الذي من أجله كان هذا اللقاء، وسوف يكون الحديث عن هذه (المضامين والأبعاد) في مقال الجمعة القادمة بإذن الله. شكراً معالي الوزير، والشكر موصول للإدارة العامة للعلاقات على هذه الدعوة الكريمة التي شُرفتُ بها وإلى لقاء والسلام.