عبده الأسمري
ورث «العلم» من ينابيع «والده» الفياضة بالمعارف وأورث «التعلم» إلى مجاميع «مجالسه» المستفيضة بالمشارف.. ممتطياً صهوة «الإحسان» ملوحاً براية «الحسنى» جانياً حظوة «الإيمان» ممنوحاً بغاية «المحاسن» ليكون «وجه» العلماء «الأًصيل» الذي قطف ثمار «محبة» الكل ووجيه «الفضلاء» النبيل الذي نال «مودة» الجميع.. في سيرة عطرة بالنبل عاطرة بالفضل في شؤون «الشور» وفي متون «المشورة»..
رافق «الملوك» وعاصر «القادة» وواطن «الدواوين»وأوصى «النبلاء» ونصح «الكرماء» فكان «أخ كريم» حين الاستشارة بالرأي و«رجل عظيم» حيث الاستنارة بالقول وعالم حكيم عند الدلالة بالمنهج وناصح أمين في الشفاعة بالنهج.. وظل «الرفيق» الصالح في بلاط «الحكام» و«الموفق الفالح» في مواطن «الاحتكام».
إنه معالي المستشار في الديوان الملكي الشيخ ناصر عبدالعزيز الشثري رحمه الله مستشار ملوك السعودية وأحد أبرز العلماء ورجال الدولة..
بوجه «نجدي» تعلو فيه سمات «التدين» وتتسامى فيه بصمات «التيقن» تسكنه «البسمة» وتحفه «الابتسامة» خليط بين الوجاهة والبساطة. تملؤه علامات «السكينة» وتميزه صفات «الطمأنينة» وملامح طغى عليها «المشيب» و«الطيب» تأصل وسطها «الوقار» وارتقى فيها «الاستقرار» وعينان دامعتان هاجعتان خاشعتان تعكسان «عمق» الخشية و»أفق» الرحمة مع كاريزما تتقاطر منها مغانم «التقوى» وتتوارد فيها غنائم «اليقين» وشخصية تعتمر «الشماغ» والأناقة الوطنية المتكاملة على «قوام» متوسط ومحيا «متواضع» وطلة باهية يغمرها «اللين» ويعمرها «الرفق» وصوت مشفوع بثقافة دينية وحصافة منهجية وفصاحة لفظية وصدى مسجوع بلباقة فكرية وأناقة لغوية قضى الشثري من عمره عقود وهو يملأ المجالس بالآراء النافعة ويزين المحافل بالرؤى الشافعة ويدعم الاجتماعات بالأفكار الناجعة.. مستشاراً سديداً ووجيهاً عضيداً ورفيقاً فريداَ ووجهاً منفرداً وظف «ثقة» القيادة في رسم «مشاهد» الأثر وسخر «سمة» الريادة في تشكيل «معاني التأثير» ليكون كبير «جيله» وخبير «رعيله» الذي سيظل ثاوياً في قوائم «المؤثرين» مقيماً في مقامات «البارزين»..
في نجد موطن «الفالحين» ومهد «الطامحين» ولد في بلدة الرين وسط أسرة متدينة أصيلة توارثت «العلوم الشرعية» أباً عن جد وتناقلت «المناهج المعرفية» جيلا وراء آخر.. واحتفت «العائلة» الشهيرة بالمآثر بهذا القدوم الميمون الذي كان بشرى نقلها والده «الشيخ» عبدالعزيز أبو حبيب الشثري إلى زملائه وأصدقائه من القضاة والمفكرين مطلقاً الدعوات الأولى لمولوده بالهدى والتقى والعفاف والغنى ليزين منظومة «عقد» فريد في أبناء «مباركين» انضموا إلى «العطاء» الوطني والسخاء المعرفي بسلاح «الشرع» وفلاح «الورع»..
كان الشثري صغيراً يراقب والده وهو يقضي حاجات «عابري السبيل» أمام منزله وينهي خلافات «أقطاب الخلاف» في مجلسه.. ويملأ جنبات «الكتاتيب» بسمو قوله ورقي توجيهه ويغمر أرواح «التلامذة» ببعد نظره ورقي رأيه فتشربت روحه مضامين «الشريعة» وتعتقت نفسه برياحين «الإنسانية» فكبر وفي عقله «انتقاء» الجد وفي قلبه «انتشاء» المجد.. وكان ينتهل من والدته موجهات «الحنان» واتجاهات «الاطمئنان» في بذخ عاطفي كان يقابله بقبلات طاعة على جبينها وكفيها في الغدو والرواح في مثال للبر كان يوزع عبيره على «عماته» الأخريات من زوجات أبيه اللاتي يعتبرنه «ابنا» «لهن» وشقيق تجاوز مصطلح «الأخ» لأبنائهن لمحبته ومودته وحبه للجميع الذي كان مرتبطاً بشخصه ومترابطاً مع شخصيته..
ركض الشثري مع أقرانه في «الواحات النجدية» مجللاً بأمان أبوة وحنان أمومة وصفاء ذات ونقاء ثبات مفضياً إلى والديه حديثاً كل مساء أمنيات طفولية حالمة على ضفاف «الطموح» فملأ والده وجدانه بنصائح «الاجتهاد» ولوائح «السداد» فظل قريباً منه حتى اغترف من «مشارب» علمه واستشرف من «مآرب» همته .
تتلمذ الشثري على يد والده العلوم الدينية والنحو والفرائض وكان ينتظر التقييم المحايد منه بعد كل مجلد يتم قراءته وشرحه أمام «معلمه» الأول و«ملهمه» الأمثل فانخطف إلى «أمانة» المتعلم وانجذب إلى «نزاهة» العالم.. وحين توفى والده شرع في نقل «الإرث» إلى أبنائه البررة الذين كانوا «مشاريع» بشرية اكتملت «بدوراً» في سماء «الوطنية» وانتماء «المسؤولية».
تخرج الشثري من كلية الشريعة وعين مدرساً في المعهد العلمي عام 1373 وانتقل عام 1381 إلى الحرس الوطني الذي أسس فيه الشؤون الدينية وترأسها لفترة وفي عام 1399 تم تعيينه مستشاراً في الديوان الملكي وظل في المنصب لأكثر من 43 عامًا ورافق الملوك خالد وفهد وعبدالله رحمهم الله والملك سلمان حفظه الله.. وامتلك محبة وقرب خاص منهم نظير صفاته وسماته وجهوده وأنشطته ومآثره في المجال الاستشاري والريادي والمعرفي.. وأفنى الشيخ الشثري عمره في خدمة دينه وقيادته ووطنه. تعرض الشيخ الشثري لمرض وعانى منه وظل يشارك ويعمل ويكافح حتى آخر لحظات حياته حيث انتقل إلى رحمة الله مساء الخميس الماضي في الرياض وصلي عليه ودفن يوم الجمعة.
رحل إلى الدار الآخرة وتصدر خبر وفاته محرك البحث «جوجل» محلياً ونعته أوساط الأمراء والمسؤولين وبكته منصات كان يملؤها بالثبات والإثبات وعزته وسائط استلهمت منه المعاني والتفاني.. وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات العزاء وعبرات الوداع واعتبارات الاستيداع في دلائل وبراهين على علو قامته وسمو استقامته ورقي قيمته دينياً ووطنياً واجتماعياً وإنسانياً ومعرفياً..
الشيخ ناصر عبدالعزيز الشثري -رحمه الله- الوجه الأصيل في «عوالم» المكانة والوجيه النبيل في «معالم» التمكن و«الواجهة المثلى» في «مشاهد التمكين»..