«الجزيرة» - الاقتصاد:
صعدت أسعار النفط فوق أعلى مستوياتها المسجلة منذ عامين، متخطية مستوى 70 دولاراً أمريكياً للبرميل، بفضل تحسن توقعات الطلب، إضافة إلى التحكم في العرض على المدى القريب. وبدأ الشهر بشكل إيجابي بعد أن قررت الأوبك وحلفاؤها بالإجماع التمسك بالخطة الحالية وزيادة الإنتاج تدريجياً خلال الأشهر المقبلة. ووفقاً للخطة، ستقوم المجموعة بزيادة الامدادات بمقدار 0.7 مليون برميل يومياً في يونيو 2021 و0.84 مليون برميل يومياً في يوليو 2021.
ومن المتوقع زيادة الكمية المتبقية بمقدار 5.8 مليون برميل يومياً تدريجياً حتى أبريل 2022 وفقاً لنتائج الاجتماعات الشهرية التي سيعقدها المنتجين. جاء في تقرير كامكو للاستثمار.
اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام
كما انعكس التفاؤل تجاه النمو الاقتصادي على أسعار النفط التي ارتفعت مؤخراً. وكانت هناك أنباء متفائلة بشأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ تم استئناف المحادثات بين الشريكين التجاريين. ومن خلال الاتصال الأول مع الصين، وافقت الإدارة الأمريكية الجديدة على تعزيز أواصر التنمية والتعاون مع الصين في مجالات التجارة والاستثمار.
وفي ذات الوقت، من المتوقع أن يواصل البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي شراء السندات وأن يستمروا في تطبيق السياسة النقدية التيسيرية للحفاظ على خفض تكاليف الاقتراض على المدى القريب، على الرغم من أن ارتفاع معدلات التضخم يقوض تلك الجهود. وتتصادف تلك الجهود مع خروج الأسواق الأوروبية من تدابير الإغلاق هذا الصيف.
ونتيجة لذلك، أصبحت الطرق أكثر ازدحاماً في عديد من الدول، وكانت حركة المرور في فرنسا وإسبانيا أقل قليلاً عن مستويات ما قبل الجائحة، بينما تجاوزت المملكة المتحدة والبرازيل بالفعل أكثر من 100 في المائة.
ومن المقرر أن يؤدي تغيير نمط السفر الذي يتجه نحو تفضيل استخدام السيارات بدلاً من السفر الجماعي إلى زيادة متطلبات النفط على المدى الطويل.
أما على صعيد الطلب، أشارت توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى زيادة استهلاك النفط في الولايات المتحدة بوتيرة أسرع خلال العام الحالي بنمو متوقع قدره 1.49 مليون برميل يومياً، وصولاً إلى 19.61 مليون برميل يومياً، بينما من المتوقع أن يكون الطلب في عام 2022 أقل قليلاً مما كان متوقعاً في السابق.
كما أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى تعافي الطلب إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول النصف الثاني من العام 2022 ومعاودة تخطي مستوى 100 مليون برميل يوميا وحثت منتجي أوبك + على زيادة الإنتاج لتجنب ارتفاع الأسعار بدعم من ارتفاع الطلب.
من جهة أخرى، صرح الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم أثناء مقابلة أجراها أنه يتوقع تعافي الطلب العالمي على النفط بوتيرة أقوى مع بقاء إنتاج النفط الصخري تحت السيطرة.
وترددت وجهات نظر مماثلة من قبل المسؤولين التنفيذيين في كل من شركة اكوينور وشركة روسنفت ومجموعة فيتول التي تشير إلى توقعات واعدة للطلب على الأقل حتى عام 2025.
وفي ذات الوقت، انخفضت واردات النفط الصينية في مايو 2021 بنسبة 15 في المائة على خلفية موسم الصيانة، إلا أنه من المتوقع أن تسهم السياسات الحكومية التي يخضع لها قطاع تكرير النفط المستقل في الصين في تحديد الاتجاهات على المدى القريب.
كما أنه بعد تراجع الطلب على النفط في الهند إلى أدنى مستوياته في 9 أشهر في مايو 2021، من المتوقع أيضاً أن يرتفع بدءاً من يوليو 2021 على خلفية تسارع وتيرة برامج اللقاحات وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجياً.
وفيما يتعلق بإمدادات النفط، خفضت الأوبك وحلفاؤها تقديرات الإمدادات بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً ونتيجة لذلك، تتوقع تراجع مخزون النفط في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بوتيرة أعلى خلال النصف الثاني من عام 2021.
واستمر إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة قريباً من مستوى 11 مليون برميل يومياً. إلا أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع الآن أن يشهد الإنتاج الأمريكي انخفاضاً هامشياً هذا العام بمقدار 0.23 مليون برميل يومياً مقابل توقعاتها السابقة بتسجيل تراجع بمقدار 0.29 مليون برميل يومياً ليصل المتوسط إلى 11.08 مليون برميل يومياً، في حين أن عام 2022 قد يشهد إنتاج 11.8 مليون برميل يومياً.
واقترحت التقارير والبيانات الصادرة مؤخراً عن شركات النفط الكبرى تبلور اتجاه جديد، في ظل تخطيط شركات النفط الخاصة الكبرى مثل إكسون وبريتيش بتروليوم وشيفرون تقليص استثماراتها الرأسمالية في إطار سعيها لتحقيق المستويات المستهدفة للانبعاثات والاستعداد لتباطؤ الطلب على النفط العالمي في نهاية المطاف.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يصل إنفاق شركات النفط إلى أدنى مستوياته المسجلة في ستة أعوام خلال عام 2021 الذي سيشهد أكبر تراجع من شركات النفط الخاصة الكبرى والذي يقابله جزئياً زيادة إنفاق شركات النفط الوطنية.
ووفقاً للتحليل، إذا استمر هذا الاتجاه، فمن المتوقع أن تشهد سوق النفط تشديد أوضاعها، حتى لو تراجع الطلب على النفط. ووفقاً لشركة رايستد انرجي، سيؤدي تقليص شركات النفط الكبرى لنفقاتها وقيامها ببيع الأصول النفطية إلى تراجع الاحتياطيات المؤكدة خلال 15 عاماً، ما لم يكن هناك المزيد من الاكتشافات التجارية.