«الجزيرة» - محمد المرزوقي:
صدر حديثاً لجمال محمد الياقوت، في طبعة أولى 2021 م، كتاب بعنوان «جمال الكلمة جمال»، في اثنتين وتسعين ومئتي صفحة، إضافة إلى ملحق خاص بالصور، التي يطل من خلالها القارئ على جوانب أخرى مصورة من حياة الياقوت، عبر مناسبات ولقاءات ومحافل محلية ودولية، تكاملت فيما ضمنه المؤلف إصداره الذي قدم له معالي الشيخ راشد بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة.
وقد جاء في تقديم معاليه: يطيب لي أن أكتب مقدمة كتاب (جمال الكلمة جمال)، للمتميز المبدع الرجل الإنسان، جمال محمد الياقوت -وفقه الله- في موضوع الكلمة المؤثّرة؛ لقد دون العرب متون الكتب بفصاحتهم وبلاغتهم على مر الأزمان، متأثرين ومؤثرين بكلمات لغتهم المؤثرة؛ وقال أدباؤهم قديماً: «لكل مقام مقال»، وهي قاعدة في التواصل بين الناس، وكم من كلمة أبعدت، وقربت، ورفعت شخصاً، وحطت من قيمة آخر، وتبقى الكلمة حيّة لا يموت أثرها بين الناس، تخلد القائل والموصوف، في شتى أنواع الشعر واللغة.
وأضاف معالي الشيخ راشد بن عبدالله في سياق تقديمه للإصدار قائلاً: «على مدى التاريخ كانت بلاغة الكلمة تعادل أو ربما تتفوق أية قوة أخرى، عرفها الإنسان لأنها تمس الروح والعقل، وتأسر القلب، وتداوي جروح الزمن، إن هذا الكتاب يعتبر إضافة ثمينة، لثقافة وتاريخ التراث واللغة»؛ بينما استهل جمال الياقوت استهلال مؤلفه بلافتات جاء فيها: حروف تُسطّر والمعنى بحر.. أجمل العبارات تحمل المعاني.. فعل.. وفكر.. وتجارب.. تختلط ونذوب فيها المشاعر.. كلمة تكسر الخاطر.. وكلمة تجبر الخاطر!
لقد جاء جمال الكلمة في كتاب الياقوت يحمل الكثير من أبعاد الجماليات عبر مستويات عدة، أولها جمال البعد الدلالي، الذي يظهر بوصفه قيمة من القيم التي يتحلى بها المؤلف فيما توثقه الكلمة، وتجسده الصورة لقارئ الكتاب؛ أما البعد الجمالي الآخر فيتمثل في ما اختاره الياقوت من مقطوعات شعرية، وأخرى شكلت لافتات مفعمة بجماليات اللغة، وبلاغيات متنوعة ما بين علوم المعاني، والبديع، والبيان.. ليختط الياقوت في كل صفحة من صفحات الكتاب جمالاً مختلفاً.. بينما كان لجمال اختيار الصور الصاحبة حيناً.. وصور خلفيات النصوص بعداً جماليا حيناً آخر.
لقد ذهب جمال في كتاب مذاهب عدة من مذاهب جماليات الكلمة.. وجماليات الصورة.. وجماليات العرض.. وجماليات الطريقة التي تعد في حد ذاتها تجربة تخاطب الذوق الجمال بما يواكب ميول واتجاهات شرائح عريضة من قراء الكلمة «الومضة»، وقراء الصورة، ما جعل من جهد المؤلف جهداً واضحاً، وعنايته بمضمون الكتاب عناية فائقة بدء بالفكرة فالإعداد لها، ثم تنفيذها وصولاً إلى تصميم الكتاب وإخراجه في فسيفساء جمال الكلمة.. وجمال الصورة.. أول ما يجبر به خواطر القراء.
وعن جانب آخر من جماليات اللغة التي طرقها الياقوت، فقد كان السهل الممتع الممتنع، مسلكاً لغوياً، أراد من خلاله المؤلف أن يجعل من هذا الإصدار بمثابة الخطاب الجماهيري، الذي أطل به عبر خارطة الحياة، والثقافة، والكثير من التحولات محلياً، وعربيا، وعالمياً، ليضع القارئ ببساطة اللغة، والصورة المعبرة بأسلوب فكاهي تارة، وتارة بأسلوب تعبيري جاد جاذب، ًما جعل من الكتاب بمثابة معرض لوحات فنية، أو معرض لمقولات تجمع بين الحكمة، والمثل، والاقباس حيناً.. والتناص حيناً آخر، بلغة حاور من خلالها الياقوت قرائه بالصوت.. والصورة.. معاً.