فدوى بنت سعد البواردي
ما عوامل السعادة في بيئة العمل..؟ وهل السعادة تُعد مطلباً أساسياً يجب وجوده أم عامل كمالي ويُعد نوعاً من الرفاهية..؟
هذه التساؤلات تتبادر إلى ذهن الجميع، أفراداً ومؤسسات ودولاً، وبلغت من الأهمية الحد الذي أصبح هناك وظائف وطنية تحت مسمى «سفير/ سفيرة السعادة» برعاية برامج عالمية لإعداد سفراء السعادة في بيئة العمل. وذلك الاهتمام المحلي والدولي يسعى إلى أن يكون إسعاد العاملين هدفاً استراتيجياً يمكن تحويله إلى مبادرات ترسخ ذلك الهدف كقيمة مستدامة للمؤسسات، وهو يسهم في زيادة الانتماء الوظيفي والولاء والإنتاجية وجودة الأداء والأمان الوظيفي للعاملين في مؤسساتهم ومجتمعهم. وبمعنى آخر، فإن تحقيق السعادة في بيئة العمل هي استثمار ذكي لمستقبل الوطن.
وعودة للتساؤلات السابقة، فإن الاجابات ليست متطابقة لدى الجميع. فهناك من يرى أن السعادة هي في المنصب والعائد المادي، وهناك من يرى أن السعادة هي في تحقيق الإنجازات المهنية والتدريب والتطور المهني تحت دعم الإدارة المستمر، وهناك من يرى أن السعادة هي في وجود زملاء عمل في بيئة إدارية إيجابية تتسم بالاحترام والتقدير والمساواة والحيادية، وهناك من يرى أن السعادة هي في وجود كافة تلك العناصر مجتمعة. إذن، فإن الإجابات قد تختلف من شخص لآخر.
وحسب بعض الدراسات الدولية، فإن انتاجية الموظف «السعيد في بيئة العمل» تزداد بنحو 12 في المائة مقارنة بأقرانه. كما أن السعادة في بيئة العمل هي بالفعل أمر «مُعدٍ» ينعكس على الآخرين، وذلك لأن الموظف الناجح الذي يعمل بسعادة، يكون عادةً ما يكون محط أنظار أقرانه، ويُعد مثالاً رائعاً يُحتذى به، خاصة إذا كان في منصب إداري أو قيادي ويعمل مع فريق عمل يتطلع لتوجيهاته وقراراته الإيجابية، من خلال تواصل جيد معهم. ولذلك، فإن مهارات التواصل الناجحة تُعد من عوامل تحقيق السعادة في بيئة العمل.
كما أن نسبة الإبداع والابتكار تزداد مع التفكير الإيجابي الذي ينتج من خلال شعور الموظف بالاستقرار والسعادة في عمله، ويكون حافزاً لمزيد من الإبداع والإنجازات. وليس ذلك فحسب، بل إن تحقيق النجاح العملي ينعكس على الحياة الشخصية للفرد خارج بيئة العمل ويضيف لها الإيجابية، وبذلك تكتمل دائرة الحياة الصحية للفرد.
ومن بعض أمثلة دعم المؤسسات لموظفيها، أنه قد قامت بعض تلك المؤسسات باهداء موظفيها نسبة من أسهمها، وذلك العائد المالي أسهم بالفعل في زيادة الولاء والانتاجية والاستقرار المادي للموظفين. وقامت بعض المؤسسات الأخرى باهداء موظفيها سيارات أو رحلات عطلة عائلية مدفوعة التكاليف وغيرها من المكآفات. وهذه جميعها جهود ذكية لها أهداف استراتيجية بعيدة المدى تحقق مؤشرات أداء استراتيجية؛ منها الحفاظ على الموظفين، وتقليل نسبة الاستقالات الناتجة عن عدم الرضى، وزيادة الإنتاجية والأرباح ونسبة رضى الموظفين، وكذلك رفع نسبة جودة الحياة للأفراد، حسب المعايير المحلية والدولية.
وكافة تلك الجهود توضح أسباب اهتمام المؤسسات والدول بسعادة ورضى العامل البشري خلال العمل، حيث تزداد الإنتاجية وتزداد الأرباح، ويتحقق هدف نمو الاقتصاد المستدام.
وأخيرًا وليس آخرًا، توجد مقولة شهيرة بأن «من بين كل الأهداف التي يريد البشر تحقيقها، غالبا ما تكون السعادة هي أعظمها».
«Out of every goal human beings want to attain, happiness is usually the greatest.»
وتلك المقولة تنطبق في كافة جوانب الحياة، سواء في العمل او خلال الدراسة أو مع العائلة.
** **
- كاتبة تقنية وتخطيط استراتيجي