إيمان الدبيّان
هي الروح لغويًا، وتعني أحيانًا الجسد، وهي الشيء عينه وذاته، وهي التي تختلف حولها الثقافات، وحتى في علم النفس حولها اختلافات، إنها النفس الإنسانية التي لا يوجد لها تعريف دقيق متفق عليه، وإن كانت تأتي بصيغة المذكر، وكذلك المؤنث، ولكل صيغة اعتبارها، ومهما كان تعريفها وأعرافها فأنا أرى أنها قوة خفية بين عقلية، وعصبية، وروحية، ونفسية، وجسدية، قد تجمعها كلها في موقف، أو بعضها في موقف آخر، قد تكون جسدًا خالصًا، وربما في الروح هي عالم واسع، أو قد تجمع بين حدودهما جسدًا وروحاً فتكون تلك النفس الإنسانية.
(ديكارت) الفيلسوف الفرنسي يرى النفس في الدماغ، و(أفلاطون) يرى ثلاثة أنفس للإنسان: شهوانية، وعاقلة، ومريدة. والقرآن وصفها باللوامة والأمارة، والمطمئنة، والإنسان نفس تخفيها الصدور ولا يعلم الآخر غالبًا ماذا بداخلها يدور، ولا نملك إلا حسن الظن على ما نراه أو نسمعه أو نعتقده لنعيش في سلام وسرور، وإن كانت الأنفس اليوم لدى البعض تحمل من الشحناء والبغضاء حتى مع القريب والصديق ما يؤلم القلب وينشر الشرور.
النفس الإنسانية مهما كان تعريفها، وكيفما كان توصيفها أفعالنا هي مرآتها التي تعكس صدقنا أو غدرنا، وفاءنا أو كذبنا، صفاءنا أو مطمعنا، هي التي تنشر الحب السامي الذي لا هدف له فيكون العطاء بلا اكتفاء، وهي التي تسقي بذور الخير بين الناس فيكون له أثر ونماء، وهي التي لدى البعض تجمع الأحقاد وتنفثها كالوباء، أو تكون استغلالية تسلطية حتى يكون لها السبق والسيطرة بكل خبث ودهاء.
النفوس لا نملك آجالها ولكننا نصنع آمالها، لها مشاعر نحسبها ولا نرقبها، ولها غايات تُبنى وينتهي العمر ولا تُقضى، فبعض الأنفس في عمقها حُلم وأخرى يطغى على أديمها الظلم، وبِيَدِ كل منّا أن يكون تلك النفس التي تداوي ولا تعادي، فقد أرهقت البشرية قيودًا وعقبات كونية وحياتية لا تتجاوزها إلا بالأنفس الزكية التي تحمل قضاياها، وتطور من مزاياها، وتمنح للخير عطاياها.