من المواقف الصعبة إن لم تكن «الأصعب إطلاقاً» حينما تهم بالكتابة عمن تحب بعدما انتقل للتو إلى مثواه الأخير.. يفارقك دون استئذان وبدون مقدمات أو استعداد لهذا الرحيل الأبدي.
فتبقى مذهولاً لساعات وقد تمتد لليالٍ وأيام لم تستوعب ما حدث وكيف حدث تقلب الذكريات يمنةً ويسرة وتناجي الأحداث وتتذكر القصص صغيرها وكبيرها ولا اعتراض على قضاء الله مع صمت مهيب يسود الحال.
لم تكن ليلة الاثنين الخامس والعشرين من شهر شوال لعام 1443هـ في محافظة عنيزة عادية وهي تمر بحادث مؤلم يتمثل في وفاة الإعلامي محمد بن إبراهيم العبيد الذي يعتبر أحد رواد الإعلام في منطقة القصيم فقد كانت حزينة تغطيها الدموع ويلتبسها الوجع.
عملت مع المغفور له سنوات طويلة إذ كان صاحب الفضل بعد الله في استقطابي لصحيفة الجزيرة حينما التقينا في مركز بن صالح قبل ما يقارب الخمسة عشر عاماً وعرض علي فكرة العمل الصحفي.. يومها وقفت في المنتصف بين ثقة مسؤول وعالم مجهول.
بعد الاستخارة طرقت هذا الباب وكان أستاذاً وأخاً أكبر موجهاً مهتماً مسانداً بالحرف والفكر.. ينير الطريق لتمر وتستمر.. كان سخياً معنا كأفراد عمل بالدعم والوقوف وبالحب بل لا أبالغ لو قلت إنه كان عاشقاً متيماً بـ «صحيفة الجزيرة» وكأنها توأمته فهناك عدد لا يستهان به من الأدلة التي وقفت شاهداً عليها أثبت رحمه الله غير مرة مدى ولائه لهذه المنظومة ومدى محبته الطاغية واهتمامه البالغ باعتلائها للصدارة وأن تبقى دائماً في المنصة عبر تواجدها المشرف البهي.
للأمانة لا يمكن وصف حجم ما يحمله من شغف وانتماء لعمله وكأنه يقدم دروساً مجانية عن ذلك فالحرف يبقى قاصراً عاجزاً عن إيقاظ تلك العلاقة وإعطائها حقها.
ما ينطبق سابقاً يمتد لاحقاً على متن العلاقة بين المرحوم ومعشوقته عنيزة فقد كان أسيراً بها للحد الذي يسجل نفسه كاستثناء في عالم الحب ودهاليزه.. كان يُدللها ويُجملها ويهتم بحسن مظهرها وتقويم اعوجاجها فما أن تشكو من قصور إلا ويسارع للمطالبة بعلاجه وما أن تحتاج شيئاً ما إلا ويكتب أو يغرد ويتواصل مع المسؤول حتى يأتي الاكتفاء.
غفر الله لأبي إبراهيم مغفرة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأجزل له المثوبة على ما قدم ودعم واهتم.
** **
خالد الروقي - عنيزة