محمد سليمان العنقري
الارتقاء بمستوى التعليم لو تحقق بأهدافه المنشودة فهو كفيل بالوصول لأغلب مستهدفات الرؤية الإستراتيجية للمملكة، فرأس المال البشري هو ركيزة تحقيق هذه الرؤية، والتعليم والتأهيل هما الممكنان الرئيسان ليكون للفرد دور فاعل في التنمية المستدامة. في الأسبوع الماضي عقدت وزارة التعليم لقاءً مع كتاب الرأي والإعلاميين للحديث عن خططها التطويرية التي اعتمدت وسيبدأ تنفيذها من العام الدراسي القادم بحضور معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، وقدم مسؤولو الوزارة بداية عرضاً شاملاً لخطط التطوير والتغيير مع ذكر الأسباب والأهداف المرجوة منها ودورها في انطلاق قطار التعليم نحو الوصول للمواءمة مع متطلبات سوق العمل بما يتناسب مع الاحتياجات المستقبلية للقطاعات الاقتصادية، وأيضًا لهدف تمكين الكوادر البشرية من التعامل مع التقنيات الحديثة بتأهيلهم في المراحل الأولى من الدراسة بالتعليم العام ليكونوا مؤهلين للتخصصات الجامعية والتقنية في مراحل التعليم العالي.
فالتغيير المعلن من هيكلة شاملة لتقسيمات العام الدراسي ليصبح ثلاثة فصول وزيادة أيام الدراسة الفعلية بقرابة 22 إلى 30 المائة تقريباً بمختلف المراحل شاملة التعليم الحضوري وأيضًا إدخال التعليم الإلكتروني ببعض المراحل يعطي مجالاً واسعاً لزيادة حصص المواد العلمية والنظرية المهمة بالمناهج والمقررات الجديدة أو القائمة، إضافة للتوسع باستخدام الوسائل التعليمية، فالهدف واضح وهو أن يتم تهيئة هذه الأجيال لتكون ممتلكة للمهارات المناسبة لسوق العمل، وقد أوضح معالي وزير التعليم الكثير من النقاط المتعلقة بأهداف هذا التحول بتوجهات التعليم وتنمية الموارد البشرية، فالرؤية تتطلب أجيالاً من المؤهلين للتعامل مع التقنية الحديثة بأفق واسع وصقل للمهارات وتوعية بما هو مطلوب وأساسي ليكون الفرد جاهزًا لسوق العمل بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية بالمملكة نحو اقتصاد منتج وتنافسي في العقدين الحالي والقادم.
فكما ذكر وزير التعليم أن التغيير الشكلي ليس هو الهدف، فما أقر من تعديلات بخطة العام الدراسي ما هو إلا أداة للتمكن من إضافة المقررات والمناهج والوسائل الحديثة للتعليم وبحسب ما ذكره، كل ما أقر هو بدايات للوصول لمنظومة تعليمية متقدمة تواكب عصر الاقتصاد المعرفي والرقمي الذي بات يمثل أكثر من 16 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي بما يقارب 12 تريليون دولار وسيتضاعف مستقبلاً من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، فتأهيل الطلاب ليمتلكوا مهارات يعد أهم ما سيتغير بالتعليم، ومع تطور وتوسع المعارف لدى الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل فإن ذلك سيحقق هدفاً ذا أهمية اقتصادية كبيرة، وهو رفع كفاءة الإنفاق بقطاع التعليم مما ينعكس إيجاباً على الناتج الإجمالي، فوجود عمالة ماهرة مؤهلة سيزيد من إنتاجية الاقتصاد وسيولد فرصًا استثمارية من خلال الممكنات القائمة التي سيضاف لها رأس مال بشري متمكن ومؤهل، فللفرد قيمة اقتصادية كبيرة جدًا، فالشركات العملاقة بالعالم حالياً قامت من أفكار شباب مؤهلين وأصبحت قيمها السوقية بعشرات وبمئات المليارات مثل فيسبوك وأمازون وتويتر واوبر وغيرها من الشركات التي أصبحت ذات تأثير عالمي كبير.
مخرجات التعليم الجيدة تمثل عنوان التحول بأي اقتصاد عالمي تحو آفاق من التنمية المستدامة، ولا يمكن التقدم بأي مجتمع دون تعليم ينتج منه مخرجات بتأهيل عالٍ، فبعض الدول تحمل الجهة المعنية لديها بتأهيل الكوادر البشرية اسم وزارة التعليم والموارد البشرية نظراً للارتباط الكبير بين التعليم وسوق العمل، ورؤية 2030 جاءت لتحقق أهدافًا تنموية منها الانتقال برأس المال البشري لمرحلة من التأهيل تتناسب مع المشاريع الضخمة التي أطلقت والتحول الجذري بتوجهات الاقتصاد نحو الاستدامة بالتنمية والمرونة الكافية من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية فيه وللوصول للتنافسية في العام 2040، وهي مرحلة ما بعد تحقيق أهداف الرؤية والتحول بالمجتمع الاقتصادي للمملكة.