عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
الأنظار باتت مشدودة إذاً إلى قرار الرئيس الإسرائيلي ريفلين لجهة نقل التكليف إلى لابيد، خلفاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رئيس حزب الليكود اليميني، الذي تولى رئاسة الوزراء مرتين، الأولى استمرت من عام 1996 إلى 1999، والثانية مستمرة منذ 31 مارس 2009، حيث أعيد انتخابه في العام 2013 والعام 2015 والعام 2020 .
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد نهاية محتملة لتشبثه بالسلطة لوقت طويل في إسرائيل، وذلك عندما يصوت المجلس التشريعي في البلاد على المصادقة على حكومة لم تكن متوقعة، مؤلفة من أحزاب متنوعة اتحدت من أجل الإطاحة به.
وسبق أن أعلن النائب العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت يوم الخميس 21 نوفمبر 2019 أنه وجه لرئيس الوزراء نتنياهو تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ويحاكم نتنياهو حالياً على ذمة 3 قضايا فساد؛ ويُعتقد أن فقدانه منصب رئيس الحكومة، قد يسرِّع في دخوله السجن.
طلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين من الكنيست عقد جلسة للتصويت على منح الثقة للحكومة التي يشكلها يائير لابيد زعيم حزب «هناك مستقبل».
وجاء ذلك بعد أن سلَّم لابيد الأربعاء للرئيس توقيعات 61 عضواً في البرلمان يدعمونه في تشكيل ائتلاف حكومي، قبل ساعة من انتهاء المهلة الممنوحة له.
وأعلن منصور عباس رئيس القائمة العربية انضمامه لهذا الائتلاف الحكومي، لتصبح قائمته أول حزب عربي يشارك في الحكومة في تاريخ إسرائيل.
ونشرت صورة على وسائل الإعلام الإسرائيلية تظهر لابيد وبينيت وزعيم حزب التجمع العربي الإسلامي، منصور عباس، وهم يوقِّعون الاتفاقية، وهي صفقة كان كثيرون يعتقدون أنها مستحيلة.
وأعلن رئيس البرلمان أن يوم الأحد الموافق 13 يونيو - حزيران هو موعد الجلسة الخاصة للتصويت على منح الثقة للحكومة، والتي من خلالها يصوّت البرلمان الإسرائيلي على منح الثقة للحكومة الائتلافية.
وقال راديو الجيش الإسرائيلي نقلاً عن رئيس البرلمان، ياريف ليفين، إن البرلمان سيجري يوم الأحد تصويتاً على الموافقة على حكومة جديدة تحل محل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال إن أقر الكنيست تلك الخطوة فستؤدي الحكومة الائتلافية اليمين في اليوم نفسه.
وأعلن السياسي القومي المتشدد نفتالي بينيت في 30 مايو - أيار عن استعداده للانضمام إلى ائتلاف محتمل يمكنه من وضع حد لحكم نتنياهو.وشكّل الائتلاف رئيس المعارضة يائير لابيد، قائد حزب «هناك مستقبل» الوسطي أيضاً، في الثاني من حزيران - يونيو، ويضمّ حزبين يساريين وحزبين من الوسط وثلاثة من اليمين بينها حزب «يامينا» القومي المتطرف، وأيضاً القائمة العربية الموحّدة.
لبيد قد حدد لنفسه هدفاً معلناً هو طرد رئيس الوزراء الأطول عهداً في تاريخ إسرائيل من منصبه بعدما وجهت إليه التهمة في قضية فساد. مستفيداً من نتائج الاستحقاق الأخير. إذ حلَّ حزبه الوسطي في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في 23 آذار - مارس حاصداً 17 مقعداً نيابياً في الكنيست.
يذكر أن يائير لابيد ولد في تشرين الثاني - نوفمبر 1963 في تل أبيب، حيث يتركّز الدعم له، وكان والده تومي لابيد صحافياً ووزيراً للعدل. أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحافية.
ومن شأن هذا الائتلاف الحكومي إذا ما تمّت المصادقة عليه أن يضع حداً لسنتين من الأزمة السياسية، حيث شهدت الدولة العبرية أربعة انتخابات متتالية، وأن تضع حداً أيضاً لوجود بنيامين نتنياهو في السلطة الذي يتبوأ رئاسة الوزراء منذ 2009 بدون انقطاع.
وعلى الفور، أدان نتنياهو الائتلاف الموجه ضده واصفاً إياه بالانتهازي وبأنه «احتيال القرن».
ووجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انتقادات لـ»حكومة التغيير» التي تُشعر الإسرائيليين أنهم «مخدوعون»، ويؤكد أنها لن تكون قادرة على مواجهة إيران وشنّ هجمات على غزة.
وحث نتنياهو، في أول تعليق له منذ الإعلان عن تشكيل الائتلاف، أعضاء الكنيست (البرلمان) الذين «انتخبوا بأصوات اليمين» على معارضة الائتلاف.
وعلّق على تشكيل حكومة نفتالي بينيت ويائير لابيد، قائلاً إنها تشكّل «أكبر عملية تزوير للانتخابات في تاريخ إسرائيل».
وفي أعقاب توصل أحزاب المعارضة إلى اتفاق على ائتلاف حكومي، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده ستعمل مع أي حكومة تتولى السلطة في «إسرائيل».
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس يوم الخميس إن «دعم الولايات المتحدة القوي لإسرائيل سيستمر بغض النظر عن أي تغيير في حكومتها».
فيما أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن نتنياهو «يُحاول إفشال تشكيل ما يُسمى حكومة التغيير في إسرائيل، عبر تفجير الأوضاع في القدس وتصعيد العدوان على مقدساتها».
واتهمته بأنه «يحاول تكرار التجربة التي خاضها في جولة الصراع الأخيرة، من خلال تحريض خروج ما يُسمى مسيرة الإعلام الاستفزازية، واستمرار تشديد الحصار على حي الشيخ جراح، وتحويله إلى ثكنة عسكرية، وقمع المواطنين والمتضامنين والصحافيين».
وحذّر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» نداف أرغمان، في وقت سابق، من حدوث اغتيالات سياسية على خلفية الانقسام، مضيفاً أن النقاش المحتدم «قد يتيح أنشطة عنيفة وغير قانونية من المحتمل أن تصل حتى الإضرار بالأرواح».
جدير بالذكر أنه إذا فشل الائتلاف في الفوز بدعم الأغلبية في الكنيست المكون من 120 مقعدًا، فهناك خطر من اضطرار إسرائيل إلى الذهاب إلى الانتخابات للمرة الخامسة في غضون عامين.
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدار السنوات القاسية الماضية، قام بطرد آلاف الفلسطينيين عنوة من أراضيهم، التي احتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي واستخدمتها بشكل غير قانوني في بناء مستوطنات لا يسكنها سوى مستوطنين إسرائيليين يهود.
بنيامين نتنياهو ارتكب بحق الشعب الفلسطيني العديد من الجرائم التي تمثِّل جرائم حرب خلال المواجهات والأعمال الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية محاولة السلطات الإسرائيلية إخلاء حي الشيخ جراح من عائلات فلسطينية تقطنه منذ أجيال، وتضييق الخناق على المصلين في المسجد الأقصى منذ بدء شهر رمضان المبارك، حيث عاشت مدينة القدس وغزة وغيرهما من المدن الفلسطينية، حالة من الهلع والخوف والدمار والتشريد والاضطرابات، في أعقاب المواجهات بين شبان فلسطينيين وجنود إسرائيليين، تفجرت إثر اقتحام قوات إسرائيلية، لساحات المسجد الأقصى، ووصل عدد المصابين بها من الفلسطينيين إلى الآلاف ومئات القتلى.
وأشار المراقبون إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، سعى من خلال هذا التصعيد إلى كسب رضا المستوطنين، لأسباب سياسية وانتخابية، ومحاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهروب من أزماته الداخلية.
تلك الحرب التي شنَّها بنيامين نتنياهو على الشعب الفلسطيني ما هي إلا محاولة منه لكسب رضا المستوطنين، بهدف «الحفاظ على وجوده داخل الحكومة وعدم تقديم رأسه لمقصلة المحاكمة والقضاء».
واستخدم نتنياهو المتطرفين «لتحقيق أمانيه وقلب الطاولة الأمنية في المنطقة، لاستجلاب المزيد من الأصوات للحفاظ على نفسه في الحكومة، وإظهار نفسه، أمام اليمين، أنه المنقذ الذي سيخلّص إسرائيل».
فالكيان الصهيوني خلال فترة بنيامين نتنياهو كما من سبقه، مارس جرائم التهجير القسري والتطهير العرقي وتدنيس ساحات الأقصى وغلق منافذ القدس لمنع الأهالي من فك الحصار عن المرابطين ومنع الإسعاف من الوصول إلى الجرحى، والاعتداء على المقدسات الدينية، وتدمير البنية التحتية للدولة الفلسطينية.