أحمد بن عبدالله الحسين
قبيل أيام ناخت مراسينا في مبنى جمعية الوداد فرع المنطقة الشرقية حيّ العقربية مدينة الخبر. زيارة طالتنا بها نفحات، ومراق لعمل الصالحات، أمتعنا ما سمعنا وما رأينا. تلألأ فيها إيحاء لمحامد وخيرية الأفعال، زهت وازدانت شجون أرست جوانبها بتلابيب قلوبنا. هكذا من يرى أطفالا رُضعا غمرتهم براءة عذرية، وفطرة سوية، بثت رهيفا ناعما وانتشاء عواطف فيها نواميس الفطرة، وأطراب كتطاير فراشات في الحشا.
جمعية الوداد
اسم على مسمى وكما تقول العرب الوُدُّ والوِدَادُ هو الحُبُّ والتمني في جَمِيعِ مَدَاخِل الخَيْرِ وإذا قيل؛ ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ وهو الأَمْنِيَّة الطيبة، وهذا من أَفاضل الكلامِ. وهو ما عنيت لجمعية طلاوتها ودّ، فتيل تطوعها تنيره وداد، ارتسمت منها مندوحة إسهام بدور مجتمعي، سقاه امتثال وطني، تشدو للأطفال دفئا مستقبليا، واحتساب الأجر والثواب من الرحيم الوَلي.
الوداد
هي أول بادرة مرسومة المنهج والأهداف كجمعية سعودية بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، تغطي الآن كامل جغرافية المملكة العربية السعودية، لها تخصص في استلام الأطفال الأيتام مجهولي الأبوين دون عمر السنتين وإيوائهم مؤقتاً لحين تسليمهم إلى الأسر الجديدة الحاضنة ضمن إجراءات علمية ومعايير نوعية في الاختيار.
الجمعية لها فروع في مختلف مناطق المملكة وهي الموكلة رسمياً من الدولة برعاية الأطفال مجهولي الأبوين بإشراف من وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية.
ومما تهتم به الجمعية الرضاعة للطفل وهي أساسية لربطه بصلات تتمخض داخل محيط الأسرة وعلائقها، ولها توخي حرفي في لون البشرة وملامح الرضيع لاستهداف يتسق مع الأبوين.
غريف الزيارة لها
- نفحات تندس في الفهم وتتعرش المشاعر، حين تستمع لبرنامج الجمعية وصنيعها، وصور الأرشيف ومحاضن الإيواء وغرف العناية، ورؤية العاملات الحاضنات وهن كأمهات يتدفقن رحمة وحنيناً، وكذلك تسجيلات فيها أُسلوب ندي للجمعية مع الأطفال واستلام الأبوين الجدد.
- مشهد تنقاد إليه وكأن حاديا قد مسك خطام الروح وحلق بعوال أو ارتشاف حبور تتلمظ إيمانياته. وكلُّ هذا سر إلهي ونبض فطرة سليمة.
- فيوضات تغمرك وأنت تدخل غرف الأطفال وهم بأبهى حِلية ونضارة، تدق نظراتهم إليك دفين حنين ورحمة، تتسابق مع احتقان مقلتين كأنهما يحبسان سيلاً مدراراً، وهَزِيْز قلب يضمهما.
- تراهم يخاطبونك بطهرهم؛ أننا مقبلون على الدنيا ونرضى منها قدراً، ويحدونا أمل بوالدينا ليعلمونا درب الحياة، ومحامد الصفات، سنكون لبنة في مجتمع يحبنا ونحبه، أوفياء لبلدنا، نسير دونما يأس أو نكأ لجرح.
ختاماً
الجمعيات الخيرية والتطوعية وكذلك الأوقاف ودورها المجتمعي لها تجذر في مملكتنا المعطاءة، تتكاثر وتتوافر كسنابل في أرض صيبة، ثمارها يانعة تتدلى لقاطفها، بسعة أرض الجزيرة، ولطالما امتدت لعوالم الناس وأغاثت البعيد دونما منّة أو طلب.
فخر لنا
في هذه الأرض المباركة. وشكر الله القائمين في الدولة على حمل أمانة الأيتام، ودعائنا للقائمين على جمعية الوداد التي تنشد كما قال مؤسسها الأستاذ حسين بحري، نُريد عملا يليق بمملكة الرحمة. والرحمة لمن أتقن فعلها يتذوق ألذ اللَّذات ويملك أنفس نفيس.
وباغي الخير يطاله قول؛ فأحي ذكرك بالإحسان تزرعه يجمع به لك في الدنيا حياتان وهو كذلك مع الركب؛ أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً للمحسنين، وتُعلن التكريم أبشر بصحبةِ خيرِ مَنْ وطئ الثرى
في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيماً.