عبدالرحمن بن أحمد الجعفري
بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبَادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي} (30) سورة الفجر صدق الله العظيم.
ببالغ الحزن والأسى ودعنا بالأمس أخانا وزميلنا وصديقنا الدكتور صالح بن علي الحميدان، الذي وافته المنية ساجداً وهو يؤدي سنة الفجر، والذي جمعني وإياه حب الوطن وخدمته، وحب طلب العلم وتعليمه، إذ كان لقاؤنا الأول في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن منذ ما يزيد على أربعين عاما، حيث كان محاضراً مجيداً ومجتهدًا في كلية الإدارة الصناعية، وكان -رحمه الله- رجلاً طموحاً متطلعاً للمستقبل وتحقيق الإنجاز، ولم ترق له مغادرة الوطن والتفرغ للدراسات العليا كما كان يرغب زملاؤه المحاضرون في الكلية في ذلك الوقت، بل كان يرغب في أن يحقق حلمه في الدراسات العليا وهو على رأس العمل يقدم خدمة لوطنه الذي أحبه.
كانت أولى محطات عمله في قطاع الأعمال أميناً عاماً للغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، يقول عنه المهندس خالد بن عبدالله الزامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية في ذلك الوقت (وكان رئيسا له): لقد كان خلال فترة عمله أمينًا مجتهدًا نصوحاً، تطورت الغرفة خلال إدارته لها لتصبح أفضل الغرف في المملكة، وتحولت إلى خلية نحل تعج بالأنشطة التجارية والصناعية والدورات التدريبية، كان محباً للتطوير والتحديث؛ وقد نقل ما تعلمه من علم في حقل الإدارة إلى عمله في الغرفة، وعمل على تطوير الجهاز الفني والإداري، والإشراف على التصميم والتنفيذ لمبني الغرفة الجديد.
رحمك الله يا أبا علي، كنت شعلة من النشاط والعطاء في عملك ولوطنك ولأهلك، فلم تكتف بإنجازك في غرفة الشرقية، ولا بمحاضراتك في كلية الإدارة الصناعية، بل دخلت وبجدارة في قطاع الإعلام، وأصبحت مديراً عاماً لـ»دار اليوم»، فحين كان الشيخ حمد المبارك (رئيس مجلس إدارة «دار اليوم») -رحمه الله- يبحث عن مدير للدار وذكر اسمك، وكان قد عاصر ورأى نشاطك في غرفة الشرقية، وبحنكته الإدارية المعروفة اختارك لتكون رجل المرحلة لتقود «دار اليوم» باقتدار وتكون ذراعه الأيمن في تطويرها، وتم على يدك وأيدي العاملين معك إحداث نقلة نوعية شهد لها كل من كان يراقب تطور الدار، إذ طوَّرت المباني وجهاز التحرير والمطابع، وشهدت الجريدة بملاحقها وزواياها تطوراً كبيراً، انعكس في زيادة قرائها والاشتراكات فيها، وترجلت بعد أن أمنت مستقبل الدار بمبنى تجاري يدرُّ عائدًا مجزيًا يكون رديفا لها في وقتٍ عجزت فيه الصحافة الورقية عن تدبير أمرها.
رحمك الله يا أبا علي، لقد كنت أخاً وصديقًا وفيًا يعتز به كل من عرفه، وبفقدك سوف تفقد زوجتك أم علي رفيقة دربك الزوج العطوف المخلص، ويفقد أبناؤك الأب المحب الحاني العطوف، ويفقد أصدقاؤك ذلك الرجل النبيل، الرجل الوفي، رجل النخوة والتضحية، ويفقدك من زاملتهم في العمل وعرفوا فيك طيب المعدن ونقاء السريرة وإحقاق الحق، سوف تفقدك جمعيات البر وأعمال الخير التي كنت رائداً لها ومساهماً في أعمالها، وفوق ذلك كله سوف يفقد الوطن رجلاً من رجالاته الأفذاذ.
والله إني لفقدك لحزين، رحمك الله وغفر لك، وأسكنك فسيح جناته، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.