تحتل القدس عبر التاريخ مكانة عظيمة باعتبارها أرضًا مقدسة، فهي محور الحديث وشغل السياسة الشاغل، تتميز القدس بالتقدس عن مدن الأرض، فقد كرمها الله وتشرفت بنزول نور الهدى صلى الله عليه وسلم مع جبريل على أرضها، وأمامته الأنبياء في صخرتها، ومعراجه إلى سماوات العلاء منها، وهي أرض المحشر والمنشر.
القدس مدينة مباركة مشرفة مقدسة، فهي كريمة شريفة مباركة لها مكانتها وقدرُها في قلب كل مسلم غيور على دينه وتراث أمته، فهي أرض الإسراء والنبوات التي باركها الله وبارك حولها وجعلها مهبط الرسالات وموطن الأنبياء.
لقد نص الإسلام على تبريك مدينة القدس وجاءت الآيات المتعددة تذكر هذا التبريك الذي كان قبل ظهور الإسلام وقبل إسراء النبي صلى الله عليه وسلم عليها أي قبل ارتباطها بالعقيدة الإسلامية ثم جاء ذكرها في القرآن بالتبريك تقريراً لمباركتها ومكانتها في العقيدة الإسلامية.
القدس أمانةٌ تسلَّمها وحافظ عليها الأنبياء السابقون. قد قرر من سبع سماوات بإسلامية هذه المدينة بمعجزة الإسراء والمعراج، حيث أعلن عن إسلاميتها روحياً وعقدياً وإيمانياً، وكان لهذه العقيدة الدور الكبير في تحقيق عدد من الانتصارات، والدفاع عن الأقصى هو دفاع عن العقيدة والإيمان، فالأقصى هو جزء من العقيدة لأنه مرتبط بمعجزة الإسراء والمعراج بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}.
الأقصى حجر الزاوية في التمكين والعزة ومسيرة التحرير، فالأمة التي يمتهن في عصرها دون أن تسيجه بضلوعها وتذود عنه بمهج وأرواح خيرة أبنائها لهي أمة ذليلة، ولن يشرق فجرها ما دام فجر الأقصى وشمسه في أفول.
القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية، يدافع الفلسطينيون عن قدسهم وأرضهم المباركة ويقدمون كل الغالي والنفيس من أجل حريتها وكرامتها. يقدمون الغالي والثمين رخيصاً من أجلها، ويتجلى ذلك في غليان الأرض المقدسة بالمواجهة واستبسال المقاومة، وتقديم الشهداء على أرضها.
ولايزال هناك الملايين حول العالم ممن يعتبر تحرير فلسطين والقدس عقيدة وإيماناً، والقدس ليس مجرد قضية تدخل في معادلات السياسية العالمية، بل هي قضية إسلامية والدفاع عن القدس وفلسطين وبذل كل ما يُستطاع من جهد ومال، ووقت وحركة وعمل لتحرير القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك وإعادته لحوزة المسلمين أمانة ينبغي استردادها.
القدس اليوم شغل الأمة الشاغل، ترزح تحت الاحتلال وتستغيث، فهي شرف مدنس وعرض مهان وكرامة منتهكة، وهي قضية القضايا بالنسبة للمسلمين حول العالم. لن يتنازل المسلمون عن القدس في يوم من الأيام، وإن مقاومة لتحرير القدس تذكرنا هذه العقيدة والتي ستستمر لأجيال حتى أن يحقق الله الحق ويزهق الباطل.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية ،كولكاتا - الهند
merajjnu@gmail.com