عثمان بن حمد أباالخيل
(من شَبّ على شيءٍ شابَ عليه) هذه المقولة لها عبرة، جاءت أحداثها على (أبي زيد البسطاني). إنها قاعدة تربوية، قاعدة تجعل من الطفل يكتسب المهارات الاجتماعية مثل: تكوين صداقات، وكيفية الثقة بالآخرين، وحل المشكلات، وحب قيادة الآخرين (ولدًا أو بنتًا). في مرحلة الطفولة تغرس الأم والأب سلوكيات مختلفة عند الطفل، تؤثر عليه في المستقبل، وتحدد كيف ينطلق في الحياة. العلاقة بين الزوج وزوجته لها تأثير شديد على سلوكيات الطفل؛ فهو يُخزّن ما يرى ويسمع وما يقوم به الأبوان من تصرفات. (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر). الطفل في الصغر كالإناء الفارغ، املأ فيه ما تشاء. سلوكيات الإنسان لمْ تأتِ من فراغ بل من البيئة التي كان يعيش فيها.
من الطبيعي أن يحدث خلاف بين الزوجين فهما نشأ في بيئتين مختلفتين، حددت منذ الطفولة. وفجوة الخلاف بين الزوجين تعتمد على السلوكيات المخزنة في الذاكرة. من الصعب إلغاء الفروقات الفردية بين الزوجين لكن الهدف هو تقليل تلك الفروقات وسد الفجوات، والارتقاء بها معه لضمان المزيد من التناغم لاستمرار العلاقة الزوجية. وسر ذلك السّلوك هو كل الأنشطة والأفعال التي تصدر عن الإنسان، سواء كانت هذه الأفعال ظاهرة أو غير ظاهرة. هل تستطيع المرأة تغيير سلوك الرجل؟ وهل يستطيع الرجل تغيير سلوك المرأة؟ سؤال صعب وليس من السهولة الإجابة عنه. هل تستطيع الزوجة إظهار الزوج على أنه صاحب القرار والسلطة، خاصة أمام الآخرين؟ هل يستطيع الزوج أن يحترم زوجته أمام ذريته ويعطيها الثقة بنفسها أم إنه لا يُبالي ويحطم شخصية الأم؟ إن أخطر مطلب يمكن أن تطلبه الزوجة هو أن يتغير زوجها كما تريد، أو يطلب الزوج أن تتغير زوجته كما يريد. لكن من الممكن أن يُقللا من تلك الطلبات. إن تغيير السلوك يحتاج إلى أشهر وسنوات، وإظهار السلوك لدى الزوجين بسبب تجارب طفولتهم سواء أكانت تجارب سلبية أو إيجابية.
مع هذا الكم من التناقضات وعمق الفجوة يبقى الاحترام بين الزوجين هو سيد الموقف، والاحترام المتبادل بين الزوجين بوابة المودة. هناك الكثير من الأزواج الذين يعيشون حالة الجفاف العاطفي، جفاف الحب، لكن بالاحترام تجد بيوتهم عامرة. الاحترام المتبادل بين الزوجين فن لدى الكثيرين؛ لأن هذا من شأنه أن يسهم في تحقيق حياة زوجية خالية من الأعاصير الهوجاء التي تدمر كل شيء جميل. ألا تعلمون أن الاحترام قاعدة أساسية وركن متين في الحياة الزوجية وفي كل العلاقات الإنسانية. في رأيي الشخصي، ومن خلال صور من المجتمع، الحب ليس ضروريًا لاستمرار الحياة الزوجية لكن الاحترام ومراعاة الشعور مهمان جدا لاستمرارها، وبدون الاحترام تصبح الحياة الزوجية أرضاً جرداء تذروها الرياح، وربما تذوب وسط الجفاف. الحياة الزوجية بدون احترام يُحْكَمُ عليها بالإعدام. وكم من بيتٍ هُدم ونُسي في عالم الشقاء والنسيان.