سمر المقرن
تضخيم المشاعر وتهويل المواقف وتصوير الأمور بالكارثية عندما يواجه الإنسان أي موقف بسيط خطأ كبير ومراهقة نفسية ساذجة وتشاؤم على طريقة نصف الكوب الفراغ جداً، ستورد صاحبها موارد الهلاك، وستجعله أسيراً لأحزانه وآلامه إلى الأبد فلا خبر يسر القلب ولا نبأ يسعده أو يرضيه!
ليس كل عتاب إهانة بالغة للشخص، وليس كل طلب لاجتماع طارئ معناه أنه سيتم إبلاغ الشخص بقرار فصلة من العمل، وليس إخفاق ابن في مادة دراسية نهاية العالم، فهناك محاولات كثيرة أمامه، فكل ما يصادف الإنسان من مشاكل لا تعني أزمة وجودية ولا نهاية العالم فربما تكون زوبعة في فنجان أو سحابة صيف حتماً ستمر، بل ولعل الخير يمكن في الشر.
هناك نوعية من الأشخاص يستمتعون بتهويل الأمور وتضخيمها، و-بعضهم- يمتلكون ملكة تُسمى ملكة الدراما التي تهوّل الأشياء وتضخمها باستمرار وتجعله أسيراً للوهم والقلق، وربما تمر نفس هذه المواقف على بعض الأشخاص برداً وسلاماً لأن طريقة تعاطيهم تختلف ولا يهوّلون الأشياء.
ولا أعنى بالقلق ذلك النوع من القلق الإيجابي الحتمي الذي يقي صاحبه من المخاطر أحياناً كقلق الإنسان من الوقوف أمام قطار حتى لا يصدمه مثلاً. ولا قلقه من عدم النجاح الذي يجعله يبذل مزيداً من الجهد، وليس القلق الذي يجعله عاجزاً عن بذل جهده الموجود أصلاً.
بالتأكيد تعب الإنسان وإنهاك جسده يضاعف من تهويل الأمور، فلا مناص من أخذ قسط وفير من الراحة وممارسة الهوايات المحببة للإنسان كالقراءة والرياضة والسفر أو فعل أي شيء يسعده مهما كان صغيراً.
ومواجهة تهويل الأمور بعدة طرق أهمها الإدراك أن الحياة لن تسير دائماً وفق أهوائنا ولكن الحياة يوم حلو ويوم مر وحلاوة الأيام حتماً ستزيل من أثر مرارتها، وكذلك بعدم تبني الأفكار اللا منطقية أو العقلانية فليس معنى وجود حبة في الجسد إنها حتماً ستكون ورماً خبيثاً لا قدّر الله، وهطول الأمطار حتماً لا يعني أنه سيتبعه سيول ستقضي على الأخضر واليابس، ولكن تهويل الأشياء فقط يحول نملة المشكلة إلى أسد!