عبده الأسمري
منذ تلك اللحظة الأولى التي تدوي فيها «صرخة الميلاد» وحتى تلك «الشهقة الأخيرة» التي تعلن فيها «نهاية الحياة» يسير الإنسان بين قطبين من خطوة «الانطلاق» إلى حظوة «الوصول» مظللاً بقدر إلهي «مكتوب» يراوح بين «أسباب» مهيأة و»مسببات» مطلوبة ليكون بين مصيرين من «النجاح» أو «الفشل» وبينهما «دروب ضبابية» تبقى في حيز «السعي حتى حين! لكل «إنسان» في حياته «مطالب» و»متطلبات» يضعها في «غاية» مأمولة ويسعى إليها بوسيلة «معلومة.. تؤرقه «المحاولات» وتخيفه «التوجسات» وتهزمه «الإحباطات» ويظل في «صراع» مع صوت «داخل» علني يصرخ للحصول على المبتغى ويتكرر للمثول أمام المرتجى.. فيظل في حالة «فكرية» ومرحلة «حياتية» تمضي به نحو «الانتصار» أو «الانكسار».
لكل إنسان «غاية» ولكل مهمة «نهاية» تقتضي «التعب»وتستوجب «الجهد» وتحتم «الاجتهاد» لتكون الحياة منظومة من الأمنيات المرتبطة بحاجات أساسية والآمال المترابطة باحتياجات ضرورية وفي ذلك تتباين شخصيات البشر بين «مكافحين» لنيل «المطلب» و»منافحين» لتجاوز «العائق» ومحبطين أمام «التردد» ويائسين من «الفوز» فتتفاوت النتائج بين «تعدي» العقبات و»تجاوز» السقطات واجتياز «العثرات» واستغلال «المعطيات» وصناعة «المنجزات»..
في دروب الحياة عديد من التحديات التي تتشكل في هيئة «مقومات» تساعد الإنسان في تحقيق أمنياته وتتهيأ في صورة «مقامات» تجذب الشخص لتوظيف مطالبه في مراحل عمرية مختلفة يتدخل فيها «العقل» الإنساني كمظلة رئيسة لإدارة «الجوارح» نحو تحقيق «المطامح».
يتعلم الطفل في سنوات العمر الخمس الأولى إبعاد «المحيط الاجتماعي» ويتجاذب في عاميه الأول والثاني مع «مسميات» ترسم أول «خارطة» للكلام في مسارات «التعلم» فتتحول «اللهجة» إلى «منطلق» يبرمج سلوك التعاطي مع المقربين منه في محيط الأسرة فتتكون أولى معاني «الغايات» باتجاه «جذب» الانتباه و»حب» الحياة فتتجلى مظاهر «الكينونة» الأولى في الشخصية.
تأتي الدراسة فيحاط التلميذ حينها على مقاعدها بجمع «الطلاب» ومجمع «المدرسين» فتأتي «الغاية» في التعليم ثم التحصيل وانتهاءً بالتفوق الذي يسعى إليه من خلال ميوله «الشخصي» نحو السباق ثم التقدم ثم الفوز بالمراكز الأولية في «حياة علمية» تبقى رهينة للأماني ومرتهنة للآمال.
يحاط «الإنسان» بالمجتمع ويحتاط بالذات في «أنانية» بائسة أو «إنسانية» مبهجة فتختلف درجات «البشر» وتتباين مقامات «الناس» فتحل «المواقف» كحتمية تصنعها الصدامات مع الآخرين أو المقارنات مع الغير فتتولد «غايات» النفس بين «مسارب» الذاتية أو «مشارب» الموضوعية التي تفرق بين «السواء» و»السوء» في دوائر من العيش لا تستثني أحداً من حلقاتها المفرغة والممتلئة..
لكل أمر من أمور الحياة نهاية مؤكدة حتى وان تهرب الإنسان من نتائجها ومصائرها المختلفة.. فالدراسة تنتهي بالنجاح أو الفشل والزواج يمضي بالاستمرار أو الانفصال والوظيفة تبدأ بالتعيين وتنتهي بالتقاعد والجسد يبدأ ضعيفاً ثم يقوى حتى يبلغ أشده ثم يرتد إلى أصله «الضعيف» والحياة برمتها ومجملها وتفاصيلها تبدأ بالولادة وتنتهي بالممات.. لذا فإن لكل غاية نهاية سواء خطط لها الشخص أم سار فيها بفطرته وعفويته وحاجته ليقف إجبارياً أمام خط «للتوقف» يمثل «مصيراً» محتوماً و»نصيباً» مفروضاً.
في كل شؤون الحياة بمشاغلها وأركانها وأبعادها واتجاهاتها خطوط مستمرة تتشابك تحت فروض «الوقت» وتتقاطع أمام فرضيات «القدر» وتتكون فيها محطات «العمر» في سباق وتوقف وانطلاق وتريث في مجمل من الظروف والتداعيات والمجالات التي يشكل فيها «الإنسان» عنصراً مشتركاً وعاملاً مشاركاً ونقطة «ارتكاز» و»ركيزة» قياس لرصد «الغايات» وفق إملاءات تفرضها تفاصيل «النشأة» وتوظفها مفصلات «الوسائل» وتكملها حتميات «الأمنيات» في تسابق إلى حيث النهايات التي تخادع «الزمن» تحت وطأة «المجهول» وترتهن إلى التوقيت في ظل هيمنة «المعلوم».. كل نفس بصيرة بغاياتها وكل نهاية مقترنة بعقارب «الساعة» التي ترتب مواعيد «الحضور» على أسوار «الأقدار»..