د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
قطار رؤية المملكة 2030 خصوصًا أنها أثبتت قدرتها على الإنجاز في الأعوام الأربعة الماضية أسرع من مخرجات التعليم، وليس معقولاً أن تنتظر رؤية المملكة تحقيق رؤيتها المرسومة في 2030، وتنتظر تغيير مخرجات التعليم أجيالاً، بل هي بحاجة إلى مواكبة الرؤية، واللحاق بركب العالم، واختصار الوقت.
لم تعد إستراتيجيات التعليم السابقة التركيز فقط على المواهب والقدرات وإهمال بقية جوانب التعليم الأخرى، فيما يفترض أن تعتبر كل طالب مجالاً للموهبة والقدرات، ومن أجل تحقيق هذا الهدف التركيز على التخصص والتحول نحو العلوم التقنية والهندسية والرياضيات وعلوم الذكاء الاصطناعي، من أجل التكثيف في اختصار المراحل، وهذا لا يعني التقليل من العلوم النظرية، لكن دون أن تكون على حساب محركات رؤية المملكة 2030.
خصصت الدول العربية 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و20 في المائة من الإنفاق الحكومي على التعليم خلال 40 سنة الماضية، لكن لا زالت متخلفة عن العالم بسبب هيمنة الأيديولوجيا الناتجة عن التركيز في أسلمة التعليم كردة فعل على الخوف من التغريب والخوف على الهوية، تحولت فيما بعد إلى مظاهر خادعة وبيانات مضللة، كان الأولى أن يؤسس التعليم لثقافة وطنية جامعة تحفظ قيمه وهويته، وجعل التعليم يرتبط ارتباطًا وثيقاً بالتنمية.
أفصحت إليونسكو في عام 2015 أن 43 في المائة من الأطفال يفتقرون إلى المبادئ الأساسية للتعليم بسبب تردي قدرات المعلمين، نتج عنه غياب الهدف الذي يصنعه التحدي في كيفية منافسة العالم، ولم تجد الدولة بداً من معالجة هذا الواقع بإيفاد الطلاب للخارج، أو استيراد النظام التعليمي كما في مدينة الملك عبد الله في ينبع.
إذا كانت الدول المتقدمة تقتلها الشيخوخة فمثلاً الأطفال أقل من 15 سنة في ألمانيا تمثل 16 في المائة، بينما في السعودية تمثل النسبة 39 في المائة، ومن تقل أعمارهم عن 40 عاماً نحو 82 في المائة، ما يرفع من آمال التقدم الاقتصادي الذي رسمته رؤية المملكة 2030، خصوصاً أن هول العولمة وصعود سلاسل التوريد قادا الأسواق الناشئة إلى الاقتراب من مستويات البلدان المتقدمة.
ما زالت الدولة تؤكد على مجانية التعليم والصحة، فيما نجد صدى ناقوس تأزم التعليم في أمريكا يرن في العالم، فنيل شهادة جامعية يكلف ما يراوح بين 80 ألف دولار و300 ألف دولار رسوماً دراسية، فيما يبلغ متوسط الدخل السنوي للأسرة في عموم الولايات المتحدة الأمريكية نحو 61 ألف دولار، حتى الأغنياء يجدون صعوبة في تخصيص ما يكفي لتعليم أبنائهم عندما تتجاوز تكلفة 4 أعوام في جامعة مرموقة 200 ألف دولار.
رغم ذلك تتميز السعودية بجودة التعليم العالي ووفق تصنيف QS العالمية عام 2021 حصلت جامعة الملك عبد العزيز على المركز الأول في المنطقة العربية، وهذا دليل قوي على قوة النظام التعليمي في السعودية، كان ترتيبها العالمي 143 ثم جامعة الملك فهد للبترول والتعدين احتلت الرقم 186، ثم جامعة الملك سعود، ثم جامعة أم القرى، فجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل.
هناك هيمنة أمريكية على القائمة التي تضم ألف جامعة، وهناك 5 جامعات أمريكية في قائمة أفضل 10 جامعات في العالم إلى 4 جامعات بريطانية وجامعة سويسرية، واحتل معهد ماساتشوستس للتقنية المركز الأول للسنة الثامنة على التوالي، وهي جامعة بحثية تركز على مجالات الهندسة والتقنية والتكنولوجيا بمدينة بوسطن، ثم جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا اكتسبت شهرتها بالقرب من وادي السليكون، ومن أبرز خريجيها رواد الأعمال في العالم في قطاع التقنية مثل لاري بيج مؤسس شركة جوجل، ومؤسس شركة ياهو جيري يانج وديفيد فايلو، وجاود كريم أحد مؤسسي يوتيوب، وصاحب شركة نايكي فليب نايت، وإيفان سبيغل الشريك المؤسس لشركة سنا بشات وغيرهم.
ثم تأتي ثالثاً جامعة هارفرد التي تعد واحدة من أفضل الجامعات في العالم ومن أقدمها وأعرقها على غرار جامعتي أكسفورد وكامبريدج في بريطانيا، فأكسفورد حصلت على المركز الرابع وكامبريدج على المركز السابع، وحصل معهد كاليفورنيا للتقنية على المركز الخامس، والمعهد السويسري الفيدرالي للتقنية على المركز السادس حيث نلاحظ أن أبرز الجامعات التي حصلت على المراكز الأولى عالمياً أغلبها جامعات متخصصة في التقنية.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة