عبد الله سليمان الطليان
نأتي إلى آسيا لنرى تداعيات العولمة وتأثيرها وتحديدًا في ماليزيا ذلك البلد الآسيوي الصاعد اقتصادياً، والذي شعر بالغُبن بالتصرف الغربي الذي فيه تكبر وانحطاط وأهداف استعمارية، فقرر رئيس الوزراء مهاتير محمد توجيه ضربة لخصومة في عام 1988م في ساحة العملات.
لقد كان المصرف المركزي في ماليزيا قد أصيب بخسائر فادحة، فعندما انتهجت إدارة الرئيس ريغان على مدى طويل على أسعار فائدة عالية كانت سبباً في ارتفاع عظيم في سعر صرف الدولار، ولكن هذا لم يدم طويلاً حيث اجتمع الأمريكيون في أحد فنادق نيويورك وفي لقاء سري ضمَّ جميع مديري المصارف المركزية في كل من اليابان وبريطانيا وألمانيا وقرروا التدخل وخفض سعر الصرف من جديد وشهد انخفضاً كبيراً جداً، إذ فقد 30 بالمئة من قيمته الأمر الذي أثار غضب رئيس المصرف المركزي الماليزي سراي داتو عندما لحق هذا التخفيض بقيمة احتياطي ماليزيا من دولارات، فأعلن (أن قواعد للعبة قد تغيرت) فراح يعمل على تحقيق الاستقرار بدعم رئيس الوزراء مهاتير محمد مشعلاً حرب مال أطلق عليها المؤلفان (حرب عصابات في عالم المال)، مزوداً بما يملكه المصرف من امتيازات من (قرض لا حد له، ومعلومات وسلطة كبيرة لكونه جهاز رقابة)، فأطلق حملة مضاربة ناجحة في عملات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ولم يكن الأمر عسيراً للماليزيين لما لهم من ثقة في وضعهم المالي، فقد كانوا يبيعون عشرات المصارف بمبالغ تصل إلى المليارات من عملة معينة، متسببين في فقدان الثقة بهذه العملة وانهيار سعر صرفها أكثر فأكثر، ووصلت الحد الكافي، فعندها يتدخل المصرف المركزي إذا بلغ البيع ذروته فيعود فيشتريها من جديد محققاً أرباحاً دسمة.
ولعل الجنيه الإسترليني في عام 1990 خير مثال على ذلك، ففي دقائق معدودة رمى الماليون الماليزيون مليار جنيه في السوق، مسببين انخفاضاً في سعر الصرف بلغ خمس سنتات أمريكية للجنيه الواحد، الأمر الذي أثار حنق المصارف البريطانية ودفعها لأن توحٍّد صفوفها لدرء هجوم آخر في المستقبل.