صيغة الشمري
رغم مرور سنوات على حادثة أذهلتني لازلت كلَّما تذكرتها أزداد ذهولاً واستغرابًا، قد يعتبرها الكثيرون قصة عادية لكنها بالنسبة لأي متخصص في مجال التواصل المؤسسي والـ Customers Experience يراها كارثية وحالة تستحق الدراسة، منذ سنوات وأنا أفكر بالكتابة عنها لكني أتردد حتى لا أكتبها وأنا تحت تأثير الحادثة الصادمة، لا يهم في سياق القصة إن كانت حدثت معي أو مع غيري، المهم هو بيت القصيد من القصة وفائدتها للمهتمين الذين يعملون في المنشآت التي تتعامل مع الجمهور ويريدون النجاح والتميز، يتصل شخص متخصص وله قيمة مهنية في المجال على رئيس تنفيذي لإحدى الشركات لإخباره بشكوى نتيجة مشكلة حدثت معه، تخيلوا ما هي ردة فعل هذا الرئيس التنفيذي؟ جميعكم تتوقعون ردود أفعال عقلانية ومهنية واحترافية خصوصاً أنه رئيس تنفيذي ويعرف أهمية وتأثير مثل هذه الأشياء، تتوقعون أنه استقبل المتصل برحابة صدر وأريحية وكسبه كعميل أبدي للشركة واستفاد منه في تسويق الصورة الذهنية للمنشأة لاسيما أن المتصل شخص مؤثر، هذا هو التصرف العقلاني الذي يتوقعه جميع العقلاء، ردة فعل هذا الرئيس التنفيذي على المتصل كانت حرفياً: «تتصل على رئيس تنفيذي للشركة عشان مشكلة خدمة عملاء». الرد كان صادماً للمتصل مع أنه كان في قمة الأدب بالمحادثة، لدرجة أنه أنهى المكالمة بأدب مثلما بدأها. كارثة حقيقية إن كنت تعتقد بأن وصولك لرئيس تنفيذي لشركة يمنحك برجاً عاجياً لتتعالى على الناس، وإن كنت رئيساً تنفيذياً منهمكاً بالعمل لم يكن له داع من الأساس أن ترد على اتصالات من أرقام لا تعرفها!
أي رئيس تنفيذي لشركة تبدأ تتقلص أهميته فور أن يشعر بأنه شخص مهم، هكذا علمتنا الحياة وكتب الإدارة، لا يمكن أن تنجح دون التواضع المطلوب والإحساس بأنك عضو ضمن فريق عمل قد يكون بينهم من هو الجندي المجهول في نجاحك كقائد، نجاحك كرئيس تنفيذي لشركة مقترن بشكل مباشر بما تملكه من ضمير وأخلاق لأنها شروط ضرورية لنجاحك كقائد، علم الاستثمار في رأس المال البشري يقول ذلك، الرئيس التنفيذي الناجح والملهم هو الذي يعتبر شكاوى العملاء «هدايا» ويفرح بها لأنه يعتبرهم شركاء حقيقيين بالشركة.