محمد سليمان العنقري
تشهد الأنظمة والإجراءات الناظمة للتجارة بالمملكة تطوراً كبيراً وسريعاً تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية خصوصاً أن السوق السعودي يعد الأكبر عربياً بل ومن أهم الأسواق عالمياً، فتجارة التجزئة فيه تقارب 500 مليار ريال سنوياً، أي ما يقارب 23 بالمائة من حجم الناتج الإجمالي المحلي وتقوم هيئة الزكاة والضرائب والجمارك بدور رئيسي في تطوير تنظيم العاملات التجارية وكان آخر ما أعلنته لقطاع الأعمال هو التحول للفوترة الإلكترونية لجميع الخاضعين للائحة الفوترة الإلكترونية، حيث يتماشى ذلك مع التحول للرقمنة بالاقتصاد الوطني في ظل توفر بنية تحتية رقمية ضخمة وانتقال واسع لإنجاز الأعمال بكل الجهات الرسمية إلى الحكومة الإلكترونية.
وللفوترة الإلكترونية فوائد كبيرة وواسعة سيستفيد منها قطاع الأعمال الخاضع للائحة الفوترة الإلكترونية ومن أهم فئاته قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يزيد عددها عن 570 ألف منشأة، ويعمل فيها حوالي 5 ملايين عامل هذا بخلاف المنشآت متناهية الصغر، فالفوترة الإلكترونية ستنعكس على هذه المنشآت بفوائد عديدة لعل من أهمها أنها سريعة وأمنة تصدر إلكترونياً ولا تتطلب سوى إدخال المعلومات عن العملية التجارية لتصدر الفاتورة من نظام فوترة إلكتروني وفق المتطلبات التنظيمية التي وضعتها هيئة الزكاة والضرائب والجمارك كما أن هذه الفواتير محفوظة إلكترونياً أي لا تتعرض للتلف أو الضياع أو التلاعب ويتم إدارتها بكل يسر وسهولة ودون الحاجة لأي أعمال ورقية وتسجيل يدوي للبيانات والحاجة لسجلات ورقية لحفظها مما يعني زيادة بأعباء الأعمال على تلك المنشآت وهو ما يتطلب عدد موظفين أكثر ويؤدي لزيادة تكاليف التشغيل، فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة يعد خفض التكاليف ورفع كفاءة التشغيل من بين أهم التحديات التي تواجهها لكي يكون لديها قدرة على التنافسية.
أما في الجانب الآخر من الفائدة على هذا القطاع فإن هذه الفواتير تلعب دوراً في تحجيم الاقتصاد الخفي أو ما يسمى باقتصاد الظل الذي يعني وجود أعمال تجارية تكون بعيدة عن رقابة الدولة وأجهزتها الحكومية وتتسبب بهدر اقتصادي ومنافسة غير عادلة للمنشآت المنظمة وخلل اقتصادي واسع، أذ يقدر حجم اقتصاد الظل بأكثر من 300 مليار ريال وفق بعض الدراسات غير الرسمية ولذلك تعد الفواتير الإلكترونية أحد أهم الخطوات الداعمة لمكافحة هذه الظاهرة السلبية، كما أن الفواتير الإلكترونية لها دور بيئي إيجابي مهم مع تقليص الحاجة للورق والسجلات والتعاملات الورقية اليومية، فجميع العمليات والبيانات تتم رقمياً وتحفظ بنظام مبني على أحدث التقنيات، كما تبرز فائدة إضافية بسهولة الاعتراض أو المراجعة لتلك الفواتير كونها محفوظة بنظام إلكتروني وتضمن الحقوق والعلاقة الصحية بين كل الأطراف.
سيتم بدء العمل بالفوترة الإلكتروني ابتداءً من 4 ديسمبر القادم من هذا العام بشكل إلزامي كمرحلة أولى، وفي بداية العام 2023 م، سيتم الربط والتكامل - على مراحل - بين المنشآت الخاضعة للائحة الفوترة الإلكترونية مع هيئة الزكاة والضرائب والجمارك لتبدأ مرحلة أكثر سهولة ويسر للمنشآت بضمان حفظ معلوماتهم الضريبية وسهولة تحديد ما يترتب عليهم من توريدات، وهو ما يساعدهم على تنظيم سجلاتهم المالية وضبط إدارة الفواتير لديهم، وهو ما يتواكب مع توجه اقتصادنا الوطني للرقمنة وتيسير الأعمال ورفع دور كفاءة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالناتج الإجمالي من 20 بالمائة حالياً إلى 35 بالمائة عام 2030.