هذا المثل جداً بليغ، والعامة قد تأثروا في بلاغة القرآن واللغة فأوجزوا، والعقل يشهد على صدق هذا المثل، والواقع خير برهان، فالبخيل الذي لا يقدم أي شيء لن يجد أي شيء، وليس مرحباً به، فالجزاء من جنس العمل، بينما الكريم يُخدم بالهاتف وهو في بيته لأن معاريفه وبذله ونفعه ملأ الآفاق، وعجبي لا ينتهي من بعض الناس حين يأتون إلى مجمع زملائهم سواءً في الاستراحة، أو النزهة؛ وأيديهم كالربع الخالي خالية مقفرة دائماً، ألا يستحون من غابة الكريم وبذله
الذي يحرجهم به دائماً؟!
«وبضدها تتبين الأشياءُ»
والعطاء والكرم ليس مقتصراً على المال فحسب، كلا!
بل حتى في المشاعر، ونشر المعلومات المفيدة، والعلم الذي يبارك ربنا فيه حين يبث بسخاء، والاستقبال الحار للضيف، والصديق، والقريب، فإن كنت ثقيلاً مقطباً عابساً فلن ترى وجهاً متهللاً، ولا ثغراً باسماً، والدنيا أخذ وعطى.
والكريم يركز على العطاء أكثر لأنه يتلذذ به؛ بينما البخيل لا يفكر إلا بالأخذ لأنه تعود عليه، وهنا ينبت الطبع الطفيلي في سلوك البخيل، فيكون ممن مرد على البخل، ويرى أن ما عند الناس واجب له، ولا يستحي من المجموعات التي ينتمي إليها، ويظن أنه على صواب، لأنه نسي الأشياء التي تجب عليه!
والعقلاء يريدون من الناس كرم الأخلاق أولاً لا المال، يقول الشاعر:
لا خيل عندك تهديها ولا مالُ
فليسعد النطق.. إن لم يسعد الحالُ
الله رحيم.. يحب الرحماء، ورفيقٌ.. يحب الرفق، وكريمٌ.. يحب الكرماء، كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (وأحب الخلق إلى الله من اتصف بمقتضيات صفاته).
ولأن إبليس يعلم حب الله للكرماء بدأ يَعِد الناس بالفقر ويخيل إليهم أنهم سيعدمون: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
فاللهم الكرم في كل شيء!
** **
- مرضي العفري