إعداد - خالد حامد:
عندما بدأنا نشعر أننا يمكن أن نبدأ في الاسترخاء مرة أخرى بعد حالة التوتر التي لازمتنا طوال فترة جائحة كورونا وكنا نناقش في المملكة المتحدة أين نذهب لقضاء العطلة وحجز ليال طويلة مع الأصدقاء، تسبب الفيروس في إحداث الفوضى في جميع أنحاء العالم.
وجد الفيروس المتحور طريقه إلى بلدان مثل تايوان وسنغافورة؛ وتسبب في موجة أخرى في البرازيل تعد الأكثر فتكاً.
لقد كان أداء المملكة المتحدة جيدًا، إلى حد كبير من خلال الامتثال العام القوي، في خفض أعداد الإصابات، لكن بوريس جونسون واصل خطأه من الصيف الماضي وترك الحدود مفتوحة، حيث تقدّر صحيفة «صنداي تايمز» أنه تم السماح لما لا يقل عن 20 ألف مسافر من الهند بدخول المملكة المتحدة بينما أخر جونسون فرض حظر سفر لأنه لم يكن يريد إزعاج رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، أثناء التفاوض على صفقة تجارية. هذا في وقت أوقفت فيه دول أخرى مثل نيوزيلندا وهونج كونج جميع الرحلات الجوية تمامًا مع الهند.
هذا يضعنا الآن في موقف محفوف بالمخاطر بعد أن حددت منظمة الصحة العالمية الفيروس المتحور B.1.617 على أنه «متغير مثير للقلق» ويتسارع خارج نطاق السيطرة. لم تقم المملكة المتحدة بتلقيح ما يكفي من السكان بشكل كامل لتجنب موجة ثالثة بين الشباب والتي لا تزال قادرة على إجهاد الخدمات الصحية الوطنية.
نحن الآن في سباق بين انتشار الفيروس (خاصة عندما نبدأ في الاختلاط بحرية أكبر) والحصول على اللقاح. لو نفذنا عملية الفتح بسرعة كبيرة سوف نواجه موجة ثالثة من الجائحة مثلما فعلت تشيلي وسيشل، وفترة أخرى من الإغلاق. أما لو قمنا بعملية الفتح ببطء شديد سوف نواجه تكاليف اقتصادية مستمرة وجمهورًا محبطًا. مثل هذه القرارات صعبة للغاية، ويتم اتخاذها في ظل قدر كبير من عدم اليقين العلمي.
لا تزال البيانات غير كافية لمعرفة ما إذا كان المتحور الهندي يمكن أن يقوِّض فعالية اللقاح؛ حيث إن التقارير الأولية تشجع على أن اللقاحات ستوفر الحماية، لكن لا يوجد شيء قاطع حتى الآن. ومع ذلك، من الأفضل بكثير أن تحصل على حماية كاملة أو جزئية من اللقاح بدلاً من الإصابة بكوفيد-19 والمقامرة بصحتك. يبدو أن اللقاحات تقلِّل من انتقال العدوى، كما أشارت دراسة أجريت في اسكتلندا بين العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتقلل من الآثار الصحية طويلة المدى المرتبطة بكوفيد-19.
بوضوح تام يمكننا القول إنه في وسعنا منع إغلاق آخر عن طريق تسريع التطعيمات، ولا سيما استهداف المناطق التي يحدث فيها تفشي المرض. يمكن أن يحدد اختبار الطفرة (كل من اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل والتدفق الجانبي السريع) الأفراد المصابين بالعدوى ودعم إجراءات عزلهم. قد لا تظهر أي أعراض على ما يصل إلى ثلث الحالات المصابة، مما يعني أن الاعتماد فقط على علامات مثل الحمى أو السعال، أو الشعور بالتوعك، ليس كافيًا.
أولئك الذين لم يتم تلقيحهم لا يزالون عرضة للإصابة ويجب عليهم الاستمرار في مقابلة الأشخاص في الهواء الطلق، وارتداء الأقنعة في الداخل والانتظار حتى الحصول على التطعيم قبل الانخراط في أنشطة داخلية قد تكون أكثر خطورة في الإصابة بالعدوى. لا تزال الخطة متاحة لجميع البالغين في المملكة المتحدة لأخذ جرعتهم الأولى بحلول منتصف يوليو، لذا فإن النهاية تلوح في الأفق، لكن الصبر مطلوب للأسابيع القادمة. ستقوم اللقاحات في نهاية المطاف برفع الأشياء الثقيلة عن كاهلنا وتسمح لنا بالتوقف عن استخدام أقنعة الوجه، وإنهاء التباعد الجسدي والعودة إلى الحياة الطبيعية إلى حد ما.
يجب على المملكة المتحدة التوافق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للسماح فقط للزوار الذين لديهم إثبات الحصول على التطعيم الكامل واختبار PCR سلبي قبل الوصول. هذه طريقة أكثر أمانًا لفتح السفر الدولي، ونظام تم استخدامه لأمراض أخرى مثل الحمى الصفراء.
أخيرًا، تحتاج البلدان الأكثر ثراءً من خلال مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى الاستمرار في تقديم اللقاحات ودعم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تكافح الفيروس. هذه مشكلة عالمية تتطلب حلاً عالمياً.
إذا تم اتخاذ الخطوات الصحيحة، وتم تزويد الجمهور برسالة واضحة حول الوضع الحالي للوباء، فقد تتجنب المملكة المتحدة موجة ثالثة وإغلاق وطني آخر.
لا أحد يريد قيودًا أطول، خاصة بالنظر إلى الأضرار الجسيمة بما في ذلك البطالة والوحدة والفقر المتزايد. لكن الحل المطلوب يحتاج إلى احتواء انتشار الفيروس والاستشفاء حتى يتم تطعيم غالبية السكان بشكل كامل. خط النهاية يلوح في الأفق، دعونا لا نضع عقبات في طريقنا.
- عن صحيفة (الجارديان) البريطانية
** **
- ديفي سريدهار هي رئيسة قسم الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبرة