د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** تعود الحكاية إلى ربيع عام 1998م؛ فقد كان صاحبكم – وقتها – في اجتماع عملٍ بمعهد الإدارة مع نائب المدير العام للتدريب، المدير العام للمعهد لاحقًا، معالي الدكتور عبدالرحمن الشّقاوي، وحين انفضَّ الاجتماع عند الثانية والنصف ظهرًا قابله مدير مكتب النائب ليبلغه أن شخصًا ينتظرُه؛ فسلَّم عليه دون أن يكون قد رآه قبلًا، وإذ بادر إلى تعريف نفسه سار معه إلى مكتبه، وأبلغه أن ثمة وظيفةً قياديةً في شركةٍ خاصة يودُّ البحث عن مؤهَّلٍ لها، ولعدم معرفته بالمعهد فإنه قد جاء إليه قصدًا كي يُرشِّح له من يراه جديرًا بها.
** لم يسأله عمّن دلّه عليه، لكنه رحَّب به وطلب إمهاله يومين أو ثلاثة كي يختار أفضلَ من يتوسمُ فيهم الصلاحية، ثم هاتفه وأبلغه أن لديه مرشحِين يثق بكفاءتهم (فيما بعد وصل اثنان منهم إلى موقعي نائبي وزيرين، وثالثٌ صار مسؤولًا بارزًا في القطاع الأهلي)، وإذ استرسل صاحبكم في عرض مزاياهم فاجأه المهندس محمد بن عبدالرحمن العقيل أن قال له: وماذا عنك؟
** صارحه بأنه الهدف، وأنَّ طلب الترشيح لم يعدُ أن يكون مدخلًا للحديث، ولعله افترض أن صاحبكم سيضع اسمه ضمن المرشحين، وهو ما لم يخطرْ بباله، ويستحيلُ أن يفعلَه، وبعد أيام يسيرةٍ زاره في مكتبه بالمعهد بصحبة شقيقه الأكبر الدكتور إبراهيم -رحمه الله-، وكانت الزيارة أشبهَ بمقابلةٍ شخصيةٍ مستترة تتالت إثرها «اختباراتٌ» شفهيةٌ وتحريريةٌ لم تأخذ شكلًا رسميًا، ومنها حين دعاه شقيقُهما الأستاذ عبدالكريم للقاءِ تعارف الساعة الثالثة ظهر يومِ عملٍ شاق، ومع فنجان الشاي وضع له ورقةً أشبه باستبانةٍ مقننةٍ باللغة الإنجليزية تهدف إلى قياس المهارات الشخصية بإيجابياتها وسلبياتها فأجاب عنها، وعرف أنها خضعتْ لتحليلٍ علميٍ تبادله المعنيُّون.
** قابل رابعَهم بطلبٍ منهم، وهو ابنُ عمهم الأستاذ النبيل ناصر بن عبدالعزيز العقيل، كما التقى ببقية الأشقاء: (المهندس ناصر، والأستاذ عبدالله، والأستاذ أحمد، والأستاذ عبدالسلام) في أوقاتٍ لاحقة، وأيقن بأنهم مدرسةٌ إداريةٌ متميزة ٌعمل معهم «سبعة عشر عامًا» متصلةً ثراءً معرفيًا وذهنيًا، وامتدت أُخوَّةً وصداقةً حتى بعد أن أشعرهم بعدم رغبته في تجديد عقده عام 2015م.
** يستحقُّ هؤلاء أن تُروى سيرُهم؛ فأستاذ الفيزياء النووية الدكتور إبراهيم أنموذجٌ في الإحاطة بتفاصيل العمل وسرعة اتخاذ القرار، والمهندس محمد عقلٌ مفكر نابهٌ بل نابغ، والمهندس ناصر فنانٌ في المباني ومذهلٌ في تفتيق المعاني، والأستاذ عبدالله رجل الخير إداري قدير حكى تجربته في «بصمة حياة»، والأستاذ عبدالكريم قائدٌ صامتٌ واعٍ مبتسم، والأستاذ أحمد أليفٌ لطيفٌ اقام في الخارج طويلًا، أما الأستاذ عبدالسلام فمشعٌ عقلًا ومتميزٌ علمًا وأنيقٌ تعاملًا، ويسعد بهم كلِّهم مَن عرفهم وألِفهم وعاش بقربهم وعايشهم.
** لوالدهم الشيخ عبدالرحمن بن ناصر العقيل رحمه الله سيرةٌ مشهودة، ولأولاده من الحنكة والمهارة ما حفظوا به إرثَه وأعلوا بناءَه فاستحقُّوا افتخارَ «حَرْمة» واعتزاز الوطن.
** المنهج مولجٌ ومخرج.