سأحاول أن ألج لهذه الجهود من خلال المحاور التالية:
(1) المالكي الإعلامي: وفي هذا الصدد رأيت المالكي منذ مطلع شبابه كما تحدث مع أحدهم وهو لصيق بالإعلام فهو منذ عشرين سنة كان مسؤولاً عن الشأن الثقافي في مجلة اليمامة؛ ويبدو أن عنايته كانت من الجانب الثقافي الذي شغل به وأصبح عنواناً مصاحباً لاسمه حين يذكر؛ وهو الذي يقودنا للمحور الثاني؛ وهو:
(2) عنايته بالشعر العامي: وفي هذا الصدد نجد أن المالكي عُنِي بالشعر العامي بنوعيه شعر القلطة وشعر العرضة؛ وكانت هذه بادرة تقدر له إذ إن هذين الفنين لهما ارتباطهما بحياتنا القبلية وتعبيرهما عن الحاجات الإنسانية التي عبرت عن شعور الإنسان في جزيرتنا بمختلف أبعاده في أتراحه وأفراحه وفي تبادل التهاني والزيارات القبلية؛ وفي هذا حفظ لتراث عزيز علينا ومتابعة لتطور لغته ووسائل استخدامها؛ وهذا يقودنا للمحور الثالث؛ وهو:
(3) إنشاء منصة للشعر الشعبي: وفي هذه المنصة تجد سجلاً للشعر الشعبي بنوعيه المشار إليهما سابقاً ولمختلف الشعراء وتصنيف أجيالهم؛ حتى أن بعض من تشجعوا وهبوا لتدوين شعر قبائلهم وجدوا أنهم لا يستغنون عن منصة محمد حمدان المالكي؛ وهذا يقودنا للمحور الرابع؛ وهو:
(4) حمدان الشاعر؛ وفي هذا الصدد لم يكن المالكي المدوّن الهاوي؛ وإنما المدوّن العاشق الذي تهيأ له من الصداقة مع الشعراء ومعرفة نجومهم خاصة الفحول منهم؛ مثل: ابن حوقان وعيضة المالكي ومطلق وصياف والجبرتي والمسعودي وغيرهم؛ مما جعل خيره سحابة تهطل على مختلف مناطق وقبائلها عامة.
ويتمتع حفظه الله بذاكرة نشطة تجعله يحرج ضيوفه أحياناً بتتبعه الدقيق لمسارهم الشعري ومقولاتهم وهذا يقودنا للمحور الخامس؛ وهو:
(5) مداعبته للضيف، وفي هذا الشأن نجد المالكي غالباً ما يداعب ضيفه، ويفتح شهيته للحوار، وبالتالي استنطاقه عن المكنون والمخفي، فيفتتح الحوار بردية يوجهها للضيف، ويرد عليها الضيف، أو العكس، فتجد أنك أمام حوار ثري منعش تستمتع به كمتلق على امتداد الحوار.
قد يقول قائل: ماذا أدى بك وأنت الأكاديمي والذي تقع عليك مسؤولية الارتقاء بالفصحى وحمايتها من العامية خاصة من الشعر الشعبي الذي تتحدث عنه الآن؟! أظن السؤال مشروع؛ ولا بد من الإجابة عليه وهذا يقودنا للمحور السادس؛ وهو:
(6) ماذا تفيد الفصحى من العامية؟
وفي هذا الصدد أرجو ألا أكون متجاوزاً حين أقول: إن الفصحى تكتسب من العامية ثراء لم يكن لها لو أنها انكفأت على الكلام الذي يعتد بفصاحته، لأنه استعمال الكتابة فقط، فهؤلاء الشعراء الذين تستدعيهم المواقف لتفتيق الكلام، والجريان فيه بألفاظ جديدة من موروثهم الشعبي الذي تفهمه جماهيرهم يضيفون إلى الفصحى رواء جديداً فاستخدام كلمات مثل (حنية الباكور) و (شقر العصا) و (بيح السد) و (عمود البيت) وغيرها من كلمات المسميات الجديدة التي طارت على ألسنة الشعراء مثل (كلمات) (التبويش) (التخبيط) وغيرها مثل: المعصرة؛ المغسلة. الصابونة. الدافور؛ هذه الكلمات وغيرها تثري اللغة وترفع أفقها، وتجعلها أفقاً إنسانياً يتحرك بحركة الإنسان وتجاربه، وبحثه عن الكلمة التي تخدم غرضه، وأولهم بطبيعة الحال الشعراء، والشاعر الذي لا يفجّر اللغة من أي نوع من الشعر، لا أعده شاعراً.
** **
- أ.د.عالي القرشي