ظهر في جيل وجد فرصته للتعلم والحصول على الثقافة من كتبها وأربابها في شتى مجالات الفنون...
فمن هذا الجيل من اهتم بالعلوم الشرعية بينما اتجه آخرون إلى رحاب الأدب والثقافة....
وكان ممن اتجه هذا الاتجاه استاذنا الأديب: عبدالله بن علي بن راشد الماجد فقد ولد بمحافظة الأفلاج عام 1368هـ وهي ديار النابغة الجعدي وقيس بن الملوح.. ويعود نسبة إلى قبيلة المشاوية إحدى قبائل الدواسر. عرف الأستاذ عبدالله الماجد بطموحه الكبير وطاقته المتفجرة منذ نعومة أظافره...
فمن طموحه الكبير أنه أراد إصدار الهوية الوطنية - المسماة التابعية أو حفيظة النفوس - ولم يبلغ السن النظامي في ذلك الوقت وتم رفض إصدارها لصغر سنه حيث لم يتجاوز سن الحادية عشرة.
طموح هذا الإنسان كبير فقد درس المرحلة الابتدائية في سن مبكرة وهو دون السادسة من عمره وكان شغوفاً بالدراسة ذكياً فطناً مهتماً بالقراءة والاطلاع ويظهر ذلك جلياً في أسلوبه ومشاركاته المدرسية وحبه للمكتبة.
ثم انتقل للمرحلة المتوسطة وأستاذنا عبدالله الماجد يزداد حباً للكتب والمكتبات والأدب والثقافة، ولأن صنع وهو في هذا السن قارباً لنفسه ليجدف ويلهو به في بُحيرات الأفلاج، إلا أن طموحه الكبير أبى إلا أن يجدف بقاربه في بحار العلم والمعرفة، فانتقل بعد تخرجه من المرحلة المتوسطة لمدينة الرياض عاصمة الأدب والثقافة عاصمة النماء والازدهار فدرس المرحلة الثانوية الصناعية التي لم تغنه عن الاغتراف من بحر الثقافة وشغفه بالأدب، فما أن يخرج من المدرسة ويذهب للبيت وكان بشارع الخزان ويأخذ استراحة أشبه باستراحة المحارب إلا ويذهب مشياً على الأقدام إلى المكتبة الوطنية.
وكان من أوائل من يدخل المكتبة وآخر من يخرج منها، بل أحياناً يصل الأمر أن حارس المكتبة يقفل عليه الباب وهو لا يعلم بوجوده، أو يقوم بإطفاء الإنارة عليه وهو لا يدري بأنه داخل المكتبة وذلك لاندماجه مع الكتاب والقراءة.
كان قارئاً نهماً، يذكر أنه قرأ أكثر من 5000 كتاب في شتى الفنون ووجد نفسه في الأدب والتاريخ.
بدأ بالكتابة وهو في المرحلة الثانوية فقد دخل بقوة مع الأدباء والمؤرخين رغم صغر سنة فكانت بداية مع الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب 1387هـ ثم بعد ذلك بدأت علاقته بجريدة الرياض في الملحق الثقافي الفني بها عام 1391هـ ثم المشاركة بجريدة الجزيرة، إلا أن حُب وشغف الأستاذ عبدالله الماجد بالأدب ولم يقف عند كوكب الأدب السعودي لينتقل لكوكب الأدب المصري ليتعرف ويلتقي بالأدباء والنقاد والمثقفين من أرض الكنانة.
إن اطلاع وقراءات عبدالله الماجد المبكرة وعيشه مع الأدباء والكتاب ومجالسته لهم اعطته الثقة بنفسه وبما يقدم كيف لا وشيخه واستاذه المؤرخ والأديب والفقيه والشاعر الكبير محمد حسين زيدان فمنه استفاد فوائد عظيمة لاسيما في الجانب الأدبي والجانب الثقافي.
شارك رغم صغر بكل ثقة في مؤتمر الأدباء الأول السعوديين عام 1394هـ والذي عقد بمكة المكرمة ليشارك ببحث عن الشعر العربي الحديث وكان يقف بجانبه استاذه الكبير محمد حسين زيدان.
بعد أن تأسست دارة الملك عبدالعزيز تم اختيار الأديب والمؤرخ محمد حسين زيدان رئيساً لتحرير مجلتها وعبدالله الماجد مديراً لها ثم تم ترشيحه لمنصب الأمين العام المساعد للدارة رغم أنه ما زال يعمل بالجامعة وجريدة الرياض.
ودخل في النادي الأدبي بالرياض وكلف بإدارة مكتب الأديب عبدالله بن خميس عام 1395 - 1396هـ.
طموح أستاذنا ليس له حدود ليفاجئ من حوله بانتقاله من كوكب الأرض إلى فضاء كوكب المريخ فيؤسس دار المريخ للنشر فدخل عالم التجارة من خلال العلم والأدب والثقافة التي ما زالت تسري في عروق دمه لينشرها هذه العلوم في العالم العربي بدأت من أرض مصر ثم الرياض ثم جدة والدمام ولم يقف عند هذا الحد بل شارك في معارض الكتاب الدولي منها ما كان في فرانكفورت بألمانيا.
ومن دار المريخ - لندن - صدرت مجلة العصور التاريخية وكان مديرها 1406هـ. وقد كتب عن مسقط رأسه (الهيصمية حاضرة الأفلاج القديمة) وأشرف على ذلك الشيخ حمد الجاسر وقد حقق كتاب قلب الجزيرة العربية في عدة مجلدات.
ورغم أنه في سن والدي إلا أنه جمع بين هيبة الأدباء وبساطة الحكماء وكما قال أحدهم عبدالله الماجد جمع بين الأناقة والوسامة، إذا قابلته تقف للأدب احتراماً ولكبر السن إجلالاً وتنظر إلى سمته إعجاباً وتصغي بسمعك لحديث وحكمه إكباراً، جل حديثه أدب وحكمه ووصايا سواء في الجانب الاجتماعي أو الصحي والغذائي فالأستاذ عبدالله الماجد معمل للعقل من غير مصادمة للنقل له ثوابت راسخات لا تغيرها الأزمنة ولا الأحوال.
وقد عرف عبدالله الماجد بأنه حفي ووفي مع أقاربه وأساتذته وأصدقائه.
ورغم عيشه فترة طويلة في القاهرة إلا أن قلبه متعلق بوطنه..
وقد قال لي إنه قابل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وشرف بالسلام عليه في عدة محافل ويسأل عنه وعن بقائه في القاهرة.
وما ذلك إلا لقرب الأستاذ عبدالله الماجد من الدولة وحسه الوطني ومشاركاته الفاعلة في النهوض بأدبها وتاريخها وصحافتها.
ورغم أنه زاهد في الظهور الإعلامي إلا أنه كالقمر في سماوات الثقافة والأدب، وهل يخفى القمر؟!
فمرة كتب مقالة عن أزمة الخليج إبان غزو الكويت عام 1411هـ في صحيفة الجزيرة فكتب كتابة عظيمة أجاد فيها وأفاد.
وكما أن أبا عادل بدأ حياته عصامياً فلا يزال عصامياً معتمداً على الله ثم على نفسه مديراً ومشرفاً على داره دار المريخ في السعودية وفي القاهرة ورغم كبر سنه وكثرة مشاغله وارتباطاته - متعة الله بالصحة والعافية – فقد وصل إلى أهدافه بجده واجتهاده وطموحه واجتهاده وحبة للأدب والثقافة.
** **
- صالح بن عبدالله الماجد