زكية إبراهيم الحجي
لم يعد الإعلام ذلك النشاط التقليدي المعني بنقل الرسائل الإعلامية من مرسل إلى مستقبل، بل أضحى نشاطاً واسعاً ومؤثراً نظراً لاتساع معناه ليشمل جميع قطاعات المجتمع وأنشطته المختلفة وعلى رأسها النشاط الاقتصادي الذي يُعَول عليه كثيراً في إشباع حاجات المجتمع، ونكاد نجزم بأن الإعلام هو الداعم الأساس لاقتصاديات العالم في عصرنا الحالي، هذا من ناحية.. أما من ناحية أخرى فإن كل من له باع طويل في مجال الإعلام سواء كان أكاديمياً أو ممتهناً وممارساً، فهو يعلم بأن الإعلام أصبح صناعة متكاملة يشهدها العصر الحالي بفضل تطور تقنية المعلومات وشبكة المعلومات وتوفر الكوادر البشرية عالية الكفاءة والمتمرسة في هذا المجال.
لقد أدى ظهور الإعلام الجديد وتطبيقاته المستحدثة مع ما يرافقه من تكنولوجيا فائقة التطور إلى طرح العديد من التحديات.. والإشكاليات الكبيرة على الإعلام التقليدي، ويأتي في مقدمة هذه التحديات تراجع العوائد الإعلانية.. وقلة الإقبال عليها ومتابعتها كما كان معهوداً سابقاً، نظراً لتراجع القراءة والمشاهدة بشكل كبير لدى جمهور جميع وسائل الإعلام التقليدية من صحافة ورقية ووسائل إعلام سمعية وبصرية، هذا التراجع الكبير سحب البساط من الإعلام التقليدي، وأدى إلى أن تقدم وسائل الإعلام الجديدة نفسها كبديل أو على الأقل كمنافس شرس لوسائل الإعلام القديمة.
إن ارتباط الإعلام بالاقتصاد بات ارتباطاً قوياً ومؤثراً في عصرنا الحاضر نتيجة التحول الذي شهده الإعلام في ظل الثورة الرقمية وتقنية المعلومات.. وبكل تأكيد أن هذا الارتباط فرضته معطيات العصر الحديث.. وفي ظل التطور الذي يشهده العالم في مختلف المجالات وعلى رأسها المجال الاقتصادي بات الاقتصاد جزءاً من صناعة الإعلام والإعلام جزءاً من صناعة الاقتصاد.. والاقتصاد كما نعلم هو المحرك الفاعل لتحقيق أهداف التنمية.. وفي هذا السياق أذكر مقولة لأشهر مستثمر في البورصة الأمريكية رجل الأعمال الأمريكي «لوران بافيت» يقول: إذا لم تعثر على طريقة لكسب المال وأنت نائم.. ستظل تعمل حتى وفاتك» ربما هذه المقولة غير مقبولة عند البعض وقد لا يؤمن بها لكنها طُرحت لمعرفة كيف بات من السهل جني عوائد مالية ضخمة نظراً للتطور الكبير والهائل في عالم التكنولوجيا وتقنية المعلومات وانتشار المنصات الإعلامية ومواقع التجارة الإلكترونية.. أيضاً لا يمكن تجاهل قطاع وسائط الإعلام الحديثة كعامل مؤثر وداعم قوي في تشكيل خارطة الاقتصاد لأي دولة.. واللافت حقيقة أن التطورات التكنولوجية السريعة أتاحت انتشاراً واسعاً للإعلانات والدعايات لجميع المنتجات من خلال مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا بحد ذاته عامل قوي لنمو الاقتصاد فسوق الإعلانات سوق متفوق في وسائل الإعلام الجديد والإقبال عليه منقطع النظير من فئات وطبقات المجتمع كافة، فإذا كانت أبسط مفاهيم الاقتصاد تُبنى على العرض والطلب فإن الإعلام الجديد مرآة للاقتصاد.