علي الصحن
عندما يحقق الهلال بطولة جديدة، يحتفل محبوه ومسيروه دون مبالغة، فالفريق ليس من محدثي النعمة حتى يبالغ ويستفز ويشمت وينسى فروسية المنافسة وأخلاقها، ويسير كالطاووس بكبر وتعال وغرور، بل هو بطل اعتاد البطولة، وفريق مذهب اعتاد الذهب، وعملاق لا يعرف طريقاً غير طريق الإنجازات والحصول عليها.
يتميز فريق الهلال عن غيره بمدرجه الكبير، وهو المدرج الذي يُتعب الكلام فيه، ويعجز البنان واللسان عن وصفه، هذا المدرج هو أهم أسرار حضور الهلال الدائم، ومنافسته المستمرة، وجعل غيابه الاستثناء، في وقت يكون حضور بعض منافسيه كذلك.
مدرج الهلال ليس مجرد مشجع فقط، بل هو صانع قرار مهم في منظومة النادي، وإليه يرجع الأمر كله أو جله في معظم القرارات التي ساهمت على نحو ما في صناعة تاريخ الفريق الذي واصل تحقيق الألقاب وتحطيم أرقامه بنفسه، والبقاء كرقم ثابت في عالم المنافسة، وإن تغيّر الزمان والمكان والظرف والمنافس.
عندما يحقق الهلال بطولة جديدة لا ينكب الهلاليون على الفرح، ولا يمكن لأي لقب أن يستر جوانب القصور في الفريق، فرحة الهلاليين بالحاضر لا يمكن أن تنسيهم المستقبل، ومطالبهم بالأمس لا يمكن أن تسقط بلقب ولا بذهب، يريدون لهلال الأرض أن يكون كهلال السماء في علو دائم وتفرّد تام عن بقية الكواكب.
البطولة الـ(62) والدوري الـ(17) واللقب الرابع من خمس نسخ أخيرة، كلها مجرد أرقام عند الهلاليين، والأرقام لا تتوقف عند حد معين إلى ما لا نهاية، والمدرج الهلالي الكبير لا يمكن أن يتصور نهاية أو توقفاً مؤقتاً لإنجازاته، حتى وإن وصل إلى رقم يصعب على أقرب منافسيه الوصول إليه في المستقبل المنظور.
حتى يواصل الهلال حضوره يجب أن تعود إدارته إلى ما قبل الرابع والعشرين من رمضان الماضي، عندما تراجعت نسب ترشيح الفريق للقب إلى أدنى مستوياتها، وأن تقرأ ما حدث للفريق طوال الموسم، وأن تضع الحلول المناسبة لكل خطأ، حتى لا يتكرر ما حدث، وقد قال السابقون للاحقين: «ما كل مرة تسلم الجرة»!
في الموسم الماضي مثلاً تراجع الفريق، وارتفع صوت المدرج مطالباً بالحلول، وما من أمر تصدر الحديث مثل أمر إقالة المدرب رازفان، لكن الإدارة رأت غير ذلك، حتى لم يعد هناك خيار آخر غير الإقالة.
وفي الموسم الماضي فشلت الإدارة في التعاقد مع لاعب أجنبي سابع، فتضرر الفريق على نحو ما، ومثل هذا الخطأ ينبغي ألا يحدث في فريق بمستوى الهلال.
وفي الموسم الماضي تراجع مستوى بعض اللاعبين، ومع ذلك تواصل حضورهم بشكل أساسي في الفريق، وهو ما يجب أن يتم علاجه بتفعيل مبدأ الثواب والعقاب ومنح الفرصة لمن يستحقها فقط.
وفي الموسم الماضي أكد بعض اللاعبين أنهم لا يمكن أن يقدموا أي إضافة للفريق، مما ينبغي معه عدم مجاملة أي اسم مهما كان تاريخه ففي فريق مثل الهلال وطموح مدرجه لا يمكن أن يكون البقاء إلا للأفضل فقط.
مدرج الهلال يريد الهلال بطلاً على الدوام، لذا فالاحتفال ببطولة لا يمكن أن ينسيه ما يليها، والنهاية الرائعة لا يمكن أن تحجب عنه الأخطاء ومن وقع فيها.
هنا أدرك أن البعض قد لا يعجبه ذلك، وقد يقول: (خلنا نفرح ...) لكن ذلك لن يكون في صالح الفريق، والحكمة الشهيرة «إنّ الضربات التي لا تقصم ظهرك تقوّيك» ومع ذلك يجب أن تكون فطناً حتى لا تتكرر هذه الضربات، وربما تأتي في توقيت لا يمكن معه تجاوز أثرها.