هذه المقولة رائجة وأمثالها على صفحات الكتب وشبكات التواصل، ولها جمهور يزيد مع تعاقب الأيام.
ولأنها موهمة فهي تحتمل الصواب والخطأ.
فإذا كانت هناك آيات كريمات من المتشابه التي لا بد ردها إلى المحكم، وهي كلام الله في كتاب الله الحق..!
فكيف بما دونه من كلام البشر بعد هذه الأعوام المتطاولة.
فمتى تعاملنا معها بعدل وسلطنا الضوء عليها من المنظور الشرعي ومقاصده الجليلة يرتفع اللبس عنها.
كلامي هنا ليس موجهاً لذات المقولة وإنما تسليط الكشاف على هذه المساحات التي يخفت في زواياها نقطة الضوء.. الحديث حول الكليات والقواعد أنفع.
منهج القرآن الكريم جاء كلامه عن الكليات والأحداث والأشخاص. في الدوائر الثلاث المعروفة ولعل غالب كلامه في دائرة الكليات والقواعد الكبرى.
المقولة وأمثالها تدور بشكل عام على ترك التدخل في شؤون الآخرين.
هذا معنى بالمجمل ممدوح ومحمود.. وهو مسلك حضاري.
المقولة لها أشباه ونظائر قد تتطابق وقد تختلف من واحدة إلى أخرى مثل: دع الخلق للخالق. مالك شغل.! الوصاية. لا تستشرف. (إذا قيلت لك من أحدهم - إحداهن فهذه شهادة تميز بأنك تستشرف المستقبل البعيد!) لا تعلق على كل شيء. راح تغير العالم وحدك! لا تأخذ دور المنقِذ!
كلمات جاذبة وجميلة في بعضها، ولها وقع على الأذن تطرب له.. فإذا المنطلق عندك (إنساني) فهذه المقالة على الأرجح لن تفيدك، بل إنّ توقفك عن القراءة مريح جداً. لأننا لن نلتقي.
أقرب وصف تندرج تحته هو: (المتشابه) وطريق العلاج: أنْ يُرد المتشابه إلى المحكم.
القرآن الكريم عالج هذه الظاهرة: (الكلام المتشابه). قبل ألف عام عند الآية 7 آل عمران.. (تَخَيَّل!).
كما أنّ القاعدة الفقهية (سد الذرائع) لها مبرر واضح هنا.. حَيَّهَلا.! حيث إنّ كل قول أو فعل يفضي إلى معنى خاطئ أو مقصد سيء ينبغي تجنبه والحذر والتحذير منه.
يوجد حل وخيار ثالث وهو : التفصيل والبيان خلال طرح الأمثلة على نحو صريح.. فهذا أمر مريح لكلا الفريقين.
يمكننا به الفرز بين المشروع الذي يمنحك الحق في التعليق ومشاركة الآخرين، والممنوع الذي يلزمك بعدم التدخل في خصوصية الآخرين والابتعاد عنها.
لا يصح أن نرفض الفكرة كاملة لأجل مدلول خاطئ.. إنما نحتاج إلى إبراز المعنى الصحيح ورد المعنى الخاطئ.. لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون.! هذا المنهج الراشد.
الأمر كما قلناه يقرره الأمر الشرعي فقط! وليس الإنساني أو المزاج السياسي أو الاتجاه الاجتماعي أو التيار الشعبي السائد.
بقيت ملاحظة.. الذي يقولون: لا نبالغ في التفسير ودع الأمور على ظاهرها. لا تتفلسف!.
ليس هناك أظهر من شأن العقيدة، وأكثر تأكيداً عليها في أبلغ كتاب وأصدقه، ومع هذا أكثر الديانات هو الدين (النصراني) 2 مليار (يعني ثلث البشر!) علماً أنّ الدين المرضي عند الله هو: دين الإسلام.
وبسبب هذه المناعة الفكرية والبلادة وأسباب أخرى.. رأينا الآن من يدعو لتقارب الأديان.! ويريد قتل هذه المتعة لدى الآخرين!
(تَخَيَّل!): (التقارب الممنوع الذي يمس العقائد.. ممنوع! أما المسموح المتعلق بأمور الدنيا وتقرره السياسة الشرعية..)
أبا عمر.. لماذا أنت تبالغ؟!
لا تقتل المتعة أيضاً.!
** **
- الرياض