عُرف في المملكة العربية السعودية عن المجتمع الأحسائي عشقهم للعمل التطوعي، وتجذره في أبناء وبنات ذلك المجتمع، الأمر الذي حقق التآخي والتعاون والتكافل بين أفراده، وأظهر مشاعر العطاء والبذل والتآزر لديهم في كل وقت، مما أسهم بطريق مباشر أو غير مباشر في الارتقاء بالثقافة المجتمعية لديهم، وتنمية الحس بالمسؤولية وتحفيز روح المبادرة، ومنها قادة العمل التطوعي الكشفي الذي امتاز به ذلك المجتمع، ومن بين تلك الفئة يبرز اسم محمد بن عيسى الشعيبي - رحمه الله - الذي ولد عام 1362هـ وانتقل إلى رحمة عام 1434هـ، بعد أن أسهم في زرع ثقافة التطوع لدى أبناء جيله حيث كان من خيرة الناس الساعين لعمل الخير تجاه المجتمع وإنسان الأحساء تطور عشقه مع الوقت إلى أن أصبح سمة وركيزة من حياته في خدمة الإنسانية جمعاء ويكفيه فخراً أن شارك 27 عاماً في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وبرز اسمه كواحد من الذين ضمتهم لوحة شرف المشاركة في جميع التجمعات الإسلامية من عام 1384هـ إلى عام 1394هـ، ومن المساهمين في إغاثة منكوبي العدوان 1967م، حيث شارك في حملة جمع التبرعات لأسر ضحايا الحرب، وأن أسس أول مركز تدريب كشفي في الأحساء بطريق عين نجم، وهو ما جعل قادة كشافة الأحساء اليوم يوصفون بعشقهم للعمل الكشفي التطوعي، وكيف لا يكون وقدوتهم مثال أعلى بحق وهو ما جعلهم يحذون حذوه، فقد رأوا فيه القدوة في حب خدمة الآخرين شاخصة أمامهم، فبالتالي هو بالنسبة لهم نموذج مثالي في سلوكه وأفعاله وتصرفاته، قوله يطابق عمله، وأكرمه الله بحرصه على خدمة الناس والوطن وحب الخير، وهو ما تؤكد عليه مبادئ الحركة الكشفية.
تعرفت عليه - رحمه الله - عام 1400هـ، وكنت وقتها طالباً أثناء معسكرات الخدمة العامة في مكة المكرمة والمشاعر والمقدسة، والتقيته في مسابقة التفوق الكشفي التي استضافتها الأحساء ذلك العام، وتوطدت العلاقة بيننا بعد أن التحقت كممارس لمهنة التعليم وقائد كشفي، فكانت تجمعنا المعسكرات والمناسبات المختلفة، وقد ألهمني كثيراً من الأمور التي أرى أنها اليوم نبراساً في حياتي الكشفية ومنها عبارة كان يرددها «أعمل ودع عملك يتحدث عنك».
حدثني ذات مرة أنه أول من أقتنى بدلة كشفية من أبناء الأحساء وكان وقتها بالصف الرابع، اشتراها من مملكة البحرين، وأنه أول من أسس وحدة كشفية بالمحافظة خاصة بمعاهد النور والأمل، وتكفل بإحضار الزي الكشفي لأفراد الوحدات الكشفية بالمعاهد، وحدد بنفسه الألوان الخاصة بهم.
ولما يتميز به من خبرة وقدوة وحضور على المشهد الكشفي السعودي كان أن حصل على ثقة المسئولين فتم ترشيحه للعديد من المناسبات الخارجية لتمثيل المملكة في العديد من الدول الخليجية والعربية والإسلامية ومنها الكويت، وقطر، والإمارات، وسوريا، والأردن، وتركيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، واليمن.
وأمام هذا الحضور التطوعي الكشفي الكبير منحته جمعية الكشافة العربية السعودية وسام القيادة الفضي في حفل تكريم الشخصيات والقيادات الكشفية التي كان لها دور في دعم عمل وأنشطة الجمعية الذي أقامته يوم الأربعاء 21 - 10 -1426هـ، ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة - آنذاك -، كما مُنح قلادة الاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات في ختام المؤتمر الثامن للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات الذي استضافته الكويت عام 1437هـ وتسلمها عنه ابنه ياسر.